مدخل في (لغة الفقهاء) يكاد يتفق علماء اللغة على أن معرفة نشأة اللغة العربية وتطورها التاريخي قبل الاسلام من المسائل الشائكة التي تتسع فيها الآراء ويقبل فيها اختلاف وجهات النظر، وذلك العدة أسباب منها، أن اللهجات العربية القديمة المروية في الكتب العربية لا توجد آثارها جلية واضحة في الشعر الجاهلي، كما أننا نفتقر إلى نصوص مكتوبة أو آثار نستطيع أن نحدد على ضوئها تاريخ العربية قبل الاسلام. لذلك نقول: إن اللغة التي نستخدمها اليوم في الكتابة والتأليف والأدب، هي اللغة التي وصلتنا عن طريق الشعر الجاهلي والقرآن الكريم والسنة النبوية.
لقد ضمن القرآن لهذه اللغة الخلود، وقد ساعدت تلاوة القرآن الكريم على ثبات تلك اللغة ولا سيما في جانبها الصوتي، وهو أكثر جوانب اللغة تعرضا " للتغيير والانحراف والتشويه، فضلا على أن الأسلوب القرآني ظل المقياس الأمثل لرقي أساليب الكتاب والشعراء، حتى أن مكانة أي كاتب أو شاعر تقاس دائما بمقدار ما يقترب من مثالية الأسلوب القرآني، أو يبتعد عنه.
إلا أن هذا الذي قررناه حول ثبات اللغة العربية وخلودها لم يمنع من حدوث بعض التطورات في الأداء الصوتي من جانب، وفي المفردات والتراكيب الجانب الآخر، وهذا من طبائع الأشياء. وحسبنا أن نقرأ نصا قديما "، ثم نقارنه بنص لكتاب معاصر حتى نلمس الفرق بين النصين، ولا بأس أن يكون هذا النص مما نحن بصدد الكتابة فيه:
هذا البيضاوي (ت 685 ه) يكتب مفسرا (1) قوله تعالى: * (وعلم آدم الأسماء كلها، ثم