عليه السلام قصد ذلك بقوله: (هذا وضوء) ولا عناه، وإنما قلنا إنه عنى الوضوء المشروع مع دخول ما ليس من جنسه ونوعه.
وليس كذلك غسل الثوب، لأنه لا يدخل في جملة الوضوء، ولا يتخلل أجزاء الفعل منه، ولو اتفق دخوله بالعرض، وتخلل أجزاء الفعل منه لا سيما على أصلك في ترك موالاة الوضوء، لم يجز أن يعبر عن الوضوء وعنه جميعا بالعبارة عن الوضوء المطلق، كما عبر بذلك عن غسل الرجلين، لما ذكرناه في الفرض من قبل أن لفظ الوضوء في اللغة إنما هو موضوع على تنظيف الجسد، وتحسينه دون غيره، ولذلك قيل: فلان وضئ الوجه، ولم يقولوا: فلان وضئ الثوب، وإن كان الثوب في نفسه، حسنا.
فلا ينكر استعمال العبارة فيما ليس بوضوء شرعي مع الوضوء الشرعي، بما وضعت له عبارة الوضوء في الأصل، من التحسين للجسد، والتنظيف له.
بل لو استعملت هذه العبارة في تنظيف الجسد المفرد من الوضوء الشرعي لكانت جارية على الأصل من اللغة، فكيف إذا وضعت في موضوع الشرع واللغة، وقصد بها ما هي موضوعة له في الشريعة، مع ما تخلله مما يطلق عليه في اللغة، فأما السترة في الصلاة، والتوجه، والقبلة، والنية فليس من هذا في شئ لأمرين:
أحدهما: أن كل واحد من هذه لا يتخلل أجزاء الوضوء.
والثاني: أنه مما لا يطلق عليه هذه العبارة في مجاز اللغة.
* * *