المسح على الرجلين - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٦
وروينا أنه توضأ بالماء ثلاثا وقال: (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ووضوء خليلي إبراهيم) (١).
فقال له الشيخ رحمه الله: ينبغي لك أن تصف وترضى لغيرك بما ترضاه لنفسك. نحن سلمنا حديثك وما رويناه قط، ولا صححه أحد منا، ثم كلمناك عليه، وقابلناك بأخبار رواها شيوخك، فدفعتها بألواح، وقد كان يسعنا دفع حديثك في أول الأمر، ومطالبتك بالحجة على صحته، فلم نفعل.
فيجب إذا كنت تعمل بأخبار الآحاد أن تنقاد إلى ما تقتضيه، ولا تلجأ في إطراح العمل بها، إلى القول بأنك لا تعرفها، فيسقط بذلك عن خصمك قبول ما ترويه إذا لم يعرفه، وهذا إسقاط لنفس احتجاجك، واجتناب لأصله.
فقال أبو جعفر: الحديث في أنه توضأ بالماء ثلاثا فلا أعرفه إلا فيما رويته أنا، وأما الرواية عن النبي عليه السلام أنه توضأ ومسح على رجليه، فقد ثبتت، لكنها لم تزد على الرواية بأنه بال.
وليس يمتنع أن يتوضأ الإنسان وضوءا يمسح فيه رجليه، ويكون وضوءه ذلك عن غير حدث، كما روينا عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه توضأ ومسح على رجليه، وقال: (هذا وضوء من لم يحدث) (٢).

(١) حكاه ابن الأثير في جامع الأصول ٨: ٩١ عن النسائي ولم أقف عليه في سننه. وذكر ابن ماجة الحديث في سننه ١: ١٤٥ الحديث ٤١٩ و٤٢٠ بلفظ آخر.
(٢) كنز العمال ٩: ٤٧٤ الحديث ٢٧٠٣٠ عن مسند علي عليه السلام: عن (عن عبد خير قال: رأيت عليا دعا بالماء ليتوضأ فمسح يديه مسحا ومسح على قدميه وقال: هذا وضوء من لم يحدث). ورواه أحمد بن حنبل في مسنده وفي حديث آخر عن النوال بن سبرة قال: أتي علي بكوز من ماء، وهو بالرحبة، فأخذ كفا من ماء، وتمضمض واستنشق، ومسح وجهه وذراعيه ورجليه، ثم شرب فضل الماء وهو قائم، ثم قال: (هذا وضوء من لم يحدث، هكذا رأيت رسول الله فعل) أنظر كنز العمال ٩: ٤٧٤ الحديث ٢٦٩٤٩ الحديث ٢٧٠٣١.
Input string was not in a correct format.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 » »»