فقال الشيخ رحمة الله عليه: طالبناك بالإنصاف في أخبار الآحاد التي رواها أصحابك، لاحتجاجك بها، لا سيما مع تدينك بإيجاب العمل بها، وأريناك أن دفاعك لها يبطل احتجاجك على خصومك، وقد مر عليه، فأجبنا إلى ذلك، ثم قبلت أخبارا رويتها أنت من ذلك، ودفعت ما رويناه، وهذا رجوع إلى الأول في التحكم والمناقضة.
وبعد فإن أكثر الذي رويته عن النبي صلى الله عليه وآله في مسح الرجلين يكفي في الحجة عليك، وتأولك له بأنه وضوء عن غير حدث يقابله إن غسل النبي عليه السلام رجليه في ذلك الوضوء إنما كان لرفع النجس، فيقابل التأويلان ويتكافأ الاحتجاج الحديثين.
فأما روايته عن أمر المؤمنين عليه السلام فهو حجة عليك لا لك، وذلك أن قوله عليه السلام وقد مسح رجليه: (هذا وضوء من لم يحدث) (١) يفيد الخبر عن إحداث الغسل الذي لم يأت به كتاب، بل جاء (٢) بنقيضه، ولم تأت به سنة، فصار الفاعل له بدلا من المسح المفروض محدثا بدعة في الدين. ولو لم يكن المراد فيه ما ذكرناه على القطع لكفى أن يكون محتملا له، لأن الحدث غير مذكور في اللفظ، وإنما هو مقدر (٣) في التأويل،