أشد مما يألم لفاقة غيرهم، فإنه يهون بهوانهم، ويعتز بعزتهم، فمن قطع الرحم ورضي بأن ينعم وذو وقرباه بائسون، فهو برئ من الفطرة والدين، وبعيد من الخير والبر، ومن كان أقرب رحما، كان حقه آكد، وصلته أفضل.
" واليتامى " فإنه لموت كافلهم تتعلق كفايتهم بأهل الوجد واليسار من المسلمين، كيلا تسوء حالهم، وتفسد تربيتهم، فيكونوا مصابا على أنفسهم وعلى الناس.
" والمساكين " فإنهم لما قعد بهم العجز عن كسب ما يكفيهم، وسكنت نفوسهم للرضا بالقليل عن مد كف الذليل وجبت مساعدتهم، ومواساتهم على المستطيع.
" وابن السبيل " المنقطع في السفر، لا يتصل بأهل ولا قرابة كأن السبيل أبوه، وأمه، ورحمه، وأهله.
وهذا التعبير بمكان من اللطف، لا يرتقي إليه سواه.
وفي الامر بمواساته، وإعانته في سفره، ترغيب من الشرع في السياحة، والضرب في الأرض.
" والسائلين " الذين تدفعهم الحاجة العارضة، إلى تكفف الناس.
وأخرهم لأنهم يسألون، فيعطيهم هذا، وهذا. وقد يسأل الانسان لمواساة غيره - والسؤل محرم شرعا، إلا لضرورة، يجب على السائل أن لا يتعداها.
" وفي الرقاب " أي في تحريرها، وعتقها، وهو يشمل ابتياع الأرقاء، وعتقهم وإعانة المكاتبين على أداء نجومهم (1) ومساعدة الاسرى على الافتداء.
وفي جعل هذا النوع من البذل، حقا واجبا في أموال المسلمين، دليل على رغبة الشريعة في فك الرقاب، واعتبارها أن الانسان خلق ليكون حرا، إلا في أحوال عارضة، تقضي المصلحة العامة فيها، أن يكون الأسير رقيقا، وأخر هذا عن كل ما سبقه، لان الحاجة في تلك الأصناف، قد تكون لحفظ الحياة، وحاجة الرقيق إلى الحرية حاجة إلى الكمال.
ومشروعية البذل لهذه الأصناف، من غير مال الزكاة، لا تتقيد بزمن.