المراد تجزئة الصدقة نفسها، وأن كل جزء لا يجوز صرفه في غير الصنف المقابل له، لما جاز صرف نصيب ما هو مغدوم من الأصناف إلى غيره، وهو خلاف الاجماع من المسلمين.
وأيضا لو سلم ذلك، لكان باعتبار مجموع الصدقات التي تجتمع عند الامام، لا باعتبار صدقة كل فرد، فلم يبق ما يدل على وجوب التقسيط بل يجوز إعطاء بعض المستحقين بعض الصدقات، وإعطاء بعضهم بعضا آخر.
نعم إذا جمع الامام جميع صدقات أهل قطر من الأقطار، وحضر عنده جميع الأصناف الثمانية، كان لكل صنف حق في مطالبته بما فرضه الله، وليس عليه تقسيط ذلك بينهم بالسوية ولا تعميمهم بالعطاء، بل له أن يعطي بعض الأصناف أكثر من البعض الاخر، وله أن يعطي بعضهم دون بعض، إذا رأى في ذلك صلاحا عائدا على الاسلام وأهله.
مثلا إذا جمعت لديه الصدقات، وحضر الجهاد، وحقت المدافعة عن حوزة الاسلام من الكفار، أو البغاة، فإن له إيثار صنف المجاهدين بالصرف إليهم، وإن استغرق جميع الحاصل من الصدقات، وهكذا إذا اقتضت المصلحة إيثار غير المجاهدين (1) " من يحرم عليهم الصدقة ذكرنا فيما سبق مصارف الزكاة، وأصناف المستحقين، وبي أن نذكر أصنافا لا تحل لهم الزكاة، ولا يستحقونها وهم:
1 - الكفرة والملاحدة، وهذا مما اتفقت عليه كلمة الفقهاء. ففي الحديث " تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم ".
والمقصود بهم أغنياء المسلمين وفقراؤهم دون غيرهم.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا.
ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم كما تقدم بيانه.