فقال الأحناف: يكره نقلها، إلا أن ينقلها إلى قرابة محتاجين لما في ذلك من صلة الرحم، أو جماعة هم أمس حاجة من أهل بلده، أو كان نقلها أصلح للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الاسلام، أو إلى طالب علم، أو كانت الزكاة معجلة قبل تمام الحول، فإنه في هذه الصور جميعها، لا يكره النقل.
وقالت الشافعية: لا يجوز نقل الزكاة، ويجب صرفها في بلد المال، إلا إذا فقد من يستحق الزكاة، في الموضع الذي وجبت فيه.
فعن عمرو بن شعيب: أن معاذ بن جبل لم يزل بالجند - إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدم على عمر، فرده على ما كان عليه، فبعث إليه بثلث صدقة الناس، فأنكر ذلك عمر، وقال: لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس، فترد على فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثت إليك بشئ وأنا أجد أحدا يأخذه مني. فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة، فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها، فراجعه عمر بمثل ما راجعه، فقال معاذ: ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا. رواه أبو عبيد.
وقال مالك: لا يجوز نقل الزكاة، إلا أن يقع بأهل بلد حاجة، فينقلها الامام إليهم، على سبيل النظر والاجتهاد.
وقالت الحنابلة: لا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى مسافة القصر. ويجب صرفها في موضع الوجوب أو قربه، إلى ما دون مسافة القصر.
قال أبو داود: سمعت أحمد، سئل عن الزكاة يبعث بها من بلد إلى بلد؟ قال: لا. قيل: وإن كان قرابته بها؟ قال: لا. فإن استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها، واستدلوا بحديث أبي عبيد المتقدم.
قال ابن قدامة: فإن خالف ونقلها أجزأته، في قول أكثر أهل العلم.
فإن كان الرجل في بلد، وماله في بلد آخر، فالمعتبر ببلد المال، لأنه سبب الوجوب ويمتد إليه نظر المستحقين.
فإن كان بعضه حيث هو، وبعضه في بلاد أخرى، أدى زكاة كل مال، حيث هو.