ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج لا أعلم به بأسا وهذا يحتمل أن يكون فيمن لم يلزمه الاستنجاء كمن توضأ من نوم أو خروج ريح، ويحتمل أنه لم ير وجوب الاستنجاء وهذا مذهب أبي حنيفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج " رواه أبو داود ولأنها نجاسة يجزئ المسح فيها فلم يجب إزالتها كيسير الدم - ووجه الأول قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه " رواه أبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم " لا يستنج أحدكم بدون ثلاثة أحجار " رواه مسلم أمر والامر يقتضي الوجوب وقال فإنها تجزئ عنه والاجزاء إنما يستعمل في الواجب، ونهى عن الاقتصار على أقل من ثلاثة أحجار والنهي يقتضي التحريم وإذا حرم ترك بعض النجاسة فالجميع أولى فأما قوله " لا حرج " يعني في ترك الوتر وقد ذكرناه وأما الاجتزاء بالمسح فيه فلمشقة الغسل لتكرر النجاسة في محل الاستنجاء. فأما الريح فلا يجب لها استنجاء لا نعلم فيه خلافا، قال أبو عبد الله ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من استنجى من ريح فليس منا " رواه الطبراني في المعجم الصغير، وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) إذا أقمتم من النوم ولم يأمر بغيره فدل على أنه لا يجب، ولان الوجوب من الشرع ولم يرد فيه نص ولا هو في معنى المنصوص ولأنها ليست نجسة ولا يصحبها نجاسة فلا يجب غسل المحل منها كسائر المحال الطاهرة (مسألة) (فإن توضأ قبله فهل يصح وضوؤه على روايتين) يعني إن توضأ قبل الاستنجاء (إحداهما) لا يصح لأنها طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها كالتيمم (والثانية) يصح وهي أصح وهي مذهب الشافعي لأنها إزالة نجاسة فلم تشترط لصحة الطهارة كالتي على غير الفرج فعلى هذه الرواية ان قدم التيمم خرج على الروايتين (إحداهما) يصح قياسا على الوضوء (الثانية) لا يصح لأنه لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة ولا تباح مع قيام المانع كما لو تيمم قبل الوقت، وقيل في التيمم لا يصح وجها واحدا لما ذكرنا، وإن كانت النجاسة على غير الفرج فهو كما لو كانت على الفرج ذكرها ابن عقيل لما ذكرنا من العلة. قال شيخنا: والأشبه التفريق بينهما كما افترقا في طهارة الماء، ولان نجاسة الفرج سبب وجوب التيمم فجاز أن يكون بقاؤها مانعا منه بخلاف سائر النجاسات
(٩٩)