ويستحب أن يمكث قليلا قبل الاستنجاء حتى ينقطع أثر البول فإن استنجى عقيب انقطاعه جاز لأن الظاهر انقطاعه، وقد قيل إن الماء يقطع البول ولذلك سمى الاستنجاء انتقاص الماء ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله بعد الاستنجاء ليزيل عنه الوسواس قال حنبل سألت أحمد قلت أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعد؟ قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه في فرجك لا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله، وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " جاءني جبريل فقال يا محمد إذا توضأت فانتضح " حديث غريب (فصل) وإذا استنجى بالماء لم يحتج إلى التراب لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعمل التراب مع الماء في الاستنجاء ولا أمر به (مسألة) قال (ويجوز الاستجمار بكل طاهر ينقي كالحجر ونحوه الخشب والخرق) أما الاستجمار بالأحجار فلا خلاف فيه فيما علمنا وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه " رواه أبو داود، فأما الاستجمار بما سواها كالخشب والخرق وما في معناها مما ينقي فهو جائز في الصحيح من المذهب وقول أكثر أهل العلم وعنه لا يجزئ الا الأحجار اختارها أبو بكر وهو مذهب داود لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأحجار وأمره يقتضي الوجوب ولأنه موضع رخصة ورد الشرع فيها بآلة مخصوصة فوجب الاقتصار عليها كالتراب في التيمم وقياسا على رمي الجمار، ولنا ما روى طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة الله فلا يستقبلها ولا يستدبرها وليستطب بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاث حثيات من تراب " رواه الدارقطني قال وقد روي عن ابن عباس مرفوعا والصحيح انه مرسل وفي حديث سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لينهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار وأن نستنجي برجيع أو عظم رواه مسلم. وتخصيص هذين بالنهي يدل على أنه أراد الحجارة وما قام مقامها والا لم يكن لتخصيص هذين بالنهي معنى، ولأنه متى ورد النص بشئ لمعني معقول
(٩٤)