ثم اغسليه بالماء، وإن اقتصرت على الماء جاز وإن لم يزل لونه وكانت إزالته تشق أو تتلف الثوب أو تضره لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ولا يضرك أثره " رواه أبو داود، وإن استعملت في إزالته شيئا يزيله كالملح وغيره فحسن لما روى أبو داود عن امرأة من غفار أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفها على حقيبة فحاضت قالت فنزلت فإذا بها دم مني فقال " مالك لعلك نفست؟ " قالت نعم قال " فاصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء فاطرحي فيه ملحا ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم " قال الخطابي فيه من الفقه جواز استعمال الملح وهو مطعوم في غسل الثوب وتنقيته من الدم فعلى هذا يجوز غسل الثياب بالعسل إذا كان الصابون يفسده وبالخل إذا أصابه الحبر والتدلك بالنخالة وغسل الأيدي بها وبالبطيخ ودقيق الباقلاء وغيرها من الأشياء التي لها قوة الجلاء.
(فصل) فإن كان في الاناء خمر أو شبهه من النجاسات التي يتشربها الاناء ثم متى جعل فيها مائع سواه ظهر فيه طعما النجاسة أو لونها لم يطهر بالغسل لأن الغسل لا يستأصل أجزاء النجاسة من جسم الاناء فلم يطهره كالسمسم الذي ابتل بالنجاسة، قال الشيخ أبو الفرج المقدسي في المبهج آنية الخمر منها المزفت فيطهر بالغسل لأن الزفت يمنع وصول النجاسة إلى جسم الاناء ومنها ما ليس بمزفت فيتشرب أجزاء النجاسة فلا يطهر بالتطهير فإنه متى ترك فيه مائع ظهر فيه طعمه أو لونه (فصل في تطهير النجاسة على الأرض) متى تنجست الأرض بنجاسة مائعة أي نجاسة كانت كالبول والخمر ونحوهما فطهورها أن تغمر بالماء بحيث يذهب لون النجاسة وريحها فإن لم يذهبا لم تطهر لأن بقاءهما دليل بقاء النجاسة، فإن كانت مما لا يزول لونها أو رائحتها إلا بمشقة سقط ذلك كما قلنا