به بطريق التنبيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل النهي عن الروث والرمة بكونه زاد الجن فزادنا أولى لكونه أعظم حرمة، فإن قيل فقد نهى عن الاستجمار باليمين كنهيه عن الاستجمار بهذين ولم يمنع ذلك الاجزاء فعنه جوابان (أحدهما) انه قد بين في الحديث انهما لا يطهران (الثاني) الفرق بينهما وهو ان النهي ههنا لمعنى في شرط الفعل فمنع صحته كالنهي عن الوضوء بالماء النجس وثم لمعنى في آلة الشرط فلم يمنع كالوضوء من إناء محرم وكذلك ماله حرمة مثل كتب الفقه والحديث لما فيه من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها فهو في الحرمة أعظم من الروث والرمة وكذلك ما يتصل بحيوان كعقبه ويده وذنب البهيمة وصوفها المتصل بها لأن له حرمة فهو كالطعام (مسألة) (ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات اما بحجر ذي شعب أو بثلاثة) أما الاستجمار بثلاثة أحجار فيجزئ إذا حصل بها الانقاء بغير خلاف علمناه لما ذكرناه من النص والاجماع فأما الحجر الذي له ثلاث شعب فيجوز الاستجمار به في ظاهر المذهب وهو اختيار الخرقي ومذهب الشافعي وإسحاق وأبي ثور، وعن أحمد رواية أخرى لا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار وهو قول أبي بكر وابن المنذر لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يستنج أحدكم بدون ثلاثة أحجار " رواه مسلم ولا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار ولأنه إذا استجمر بالحجر تنجس فلم يجز الاستجمار به ثانيا كالصغير. ولنا انه استجمر ثلاثا منقية بما وجد فيه شروط الاستجمار فأجزأه كما لو فصله ثلاثة أحجار واستجمر بها فإنه لا فرق بينهما إلا فصله ولا أثر لذلك في التطهير والحديث يقتضي ثلاث مسحات بحجر كما يقال ضربته ثلاثة أسواط أي ثلاث ضربات بسوط وذلك لأن معناه معقول ومراده معلوم والحاصل من ثلاثة أحجار حاصل من ثلاث شعب، ومن مسحه ذكره في صخرة عظيمة بثلاثة مواضع منها فلا معنى للجمود على اللفظ مع وجود ما يساويه، وقولهم ان الحجر يتنجس قلنا إنما يمسح بالموضع الطاهر أشبه ما لو تنجس جانبه بغير الاستجمار ولأنه لو استجمر به ثلاثة حصل لكل واحد منهم مسحة وقام مقام ثلاثة أحجار فكذلك إذا استجمر به الواحد (فصل) ولو استجمر ثلاثة بثلاثة أحجار لكل حجر ثلاث شعب استجمر كل واحد بشعبة
(٩٦)