الحيوانات الطاهرات. فأما دم الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما فلا يعفى عن يسيره لأن رطوباته الطاهرة من غيره لا يعفى عن يسيرها فدمه أولى. فأما دم البغل والحمار وسباع البهائم والطير ان قلنا بطهارتها عفى عن يسير دمائها كسائر الحيوانات الطاهرات وان قلنا بنجاستها وقلنا لا يعفى عن يسير شئ من رطوباتها كالريق والعرق فأولى أن لا يعفى عن دمها كدم الكلب والخنزير. ولان دمها لابد أن يصيب جسمها فلم يعف عنه كالماء، وهكذا حكم كل دم أصاب نجاسة غير معفو عنها لم يعف عن شئ منه لذلك، وان قلنا يعفى عن يسير ريقها وعرقها احتمل أن يعفى عن يسير دمها قياسا عليه والله أعلم (فصل) ودم ما لا نفس له سائلة كالبق والبراغيث والذباب ونحوه طاهر في ظاهر المذهب. وممن رخص في دم البراغيث عطاء وطاوس والحسن والشعبي والحكم وحماد والشافعي وإسحاق لأنه لو كان نجسا لنجس الماء ليسير إذا مات فيه فإنه إذا مكث في الماء لا يسلم من خروج فضلة منه، ولأنه ليس بدم مسفوح. وإنما حرم الله سبحانه الدم المسفوح، وروي عن أحمد أنه قال في دم البراغيث إني لا فزع منه إذا كثر. وقال النخعي اغسل ما استطعت، وقال مالك في دم البراغيث إذا كثر وانتشر فاني أرى أن يغسل والأول أظهر، وقول أحمد ليس فيه تصريح بنجاسته بل هو دليل التوقف ولان المنسوب إلى دم البراغيث إنما هو بولها في الظاهر وبول هذه الحشرات ليس بنجس (فصل) فأما دم السمك فقال أبو الخطاب هو طاهر وهذا قول أبي الحسن لأن اباحته لا تقف على سفحه ولو كان نجسا لوقفت الإباحة على اراقته بالذبح كحيوان البر ولأنه إذا ترك استحال ماء وقال أبو ثور هو نجس لأنه مسفوح فيدخل في عموم الآية والعلقة نجسة لأنها دم خارج من الفرج أشبه دم الحيض، وعنه أنها طاهرة لأنه بدء خلق آدمي أشبهت المني، قال شيخنا والصحيح نجاستها
(٣٠٢)