(فصل) فأما الإمام الذي سبقه الحدث فتبطل صلاته ويلزمه استئنافها قال احمد يعجبني أن يتوضأ ويستأنف وهذا قول الحسن وعطاء والنخعي لما روى علي بن طلق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته " رواه أبو داود ولأنه فقد شرط الصلاة في أثنائها على وجه لا يعود إلا بعد زمن طويل وعمل كثير ففسدت صلاته كما لو تنجس نجاسة يحتاج في ازالتها إلى مثل ذلك، وفيه رواية ثانية أنه يتوضأ ويبني روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف فليتوضأ وليبن على ما مضى من صلاته " وعنه رواية ثالثة إن كان الحدث من السبيلين ابتدأ وإن كان من غيرهما بنى لأن حكم نجاسة السبيل أغلظ والأثر إنما ورد في غيرها والأولى أولى وحديثهم ضعيف (فصل) قال أصحابنا يجوز استخلاف من سبق ببعض الصلاة ولمن جاء بعد حدث الإمام فيبني على ما مضى من صلاة الإمام من قراءة أو ركعة أو سجدة، وإذا استخلف من جاء بعد حدث الإمام فينبغي أن تجب عليه قراءة الفاتحة ولا يبني على قراءة الإمام لأن الإمام لم يتحمل عنه القراءة ههنا ويقضي بعد فراغ صلاة المأمومين. وحكي هذا القول عن عمر وعلي وأكثر من قال بالاستخلاف، وفيه رواية أخرى أنه مخير بين أن يبني أو يبتدئ. قال مالك يصلي لنفسه صلاة تامة فإذا فرغوا من صلاتهم قعدوا وانتظروه حتى يتم ويسلم بهم لأن اتباع المأمومين للإمام أولى من اتباعه لهم وكذلك على الرواية الأولى ينتظرونه حتى يقضي ما فاته ويسلم بهم لأن الإمام ينتظر المأمومين في صلاة الخوف فانتظارهم له أولى وان سلموا ولم ينتظروه جاز. وقال ابن عقيل يستخلف من يسلم بهم والأولى انتظاره وانهم ان سلموا لم يحتاجوا إلى خليفة لأنه لم يبق من الصلاة إلا السلام فلا حاجة إلى الاستخلاف فيه. قال شيخنا ويقوى عندي انه لا يصح الاستخلاف في هذه الصورة لأنه ان بنى جلس في غير موضع جلوسه وصار تابعا للمأمومين وان ابتدأ جلس المأمومون في غير موضع جلوسهم ولم يرد الشرع بهذا وإنما ثبت الاستخلاف في موضع الاجماع حيث لم يحتج إلى شئ من هذا فلا يلحق به ما ليس في معناه (فصل) فإن سبق المأموم الحدث في فساد صلاته الروايات الثلاث فإن كان مع الإمام من تنعقد به صلاة غيره وإلا فحكمه كحكم الإمام معه فيما فصلناه في قياس المذهب وان فعله عمدا بطلت صلاته وصلاة الإمام لأن ارتباط الإمام بالمأموم كارتباط صلاة المأموم بالإمام فما فسد ثم فسد ههنا وما صح ثم صح ههنا (مسألة) (وان سبق اثنان ببعض الصلاة فأتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما فعلى وجهين)
(٤٩٩)