مساواة الفرض للنفل في النية ومما يقوي ذلك حديث جابر وجبار في الفرض ولان الحاجة تدعو إليه فصح كحالة الاستخلاف. وبيانها أن المنفرد إذا جاء قوم فأحرموا معه فإن قطع الصلاة وأخبرهم بحاله قبح لما فيه من ابطال العمل وان أتم الصلاة ثم أخبرهم بفساد صلاتهم فهو أقبح وأشق وقياسهم ينتقض بحالة الاستخلاف والله أعلم (مسألة) (وان أحرم مأموما ثم نوى الانفراد لعذر جاز) لما روى جابر قال صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له نافقت قال ما نافقت ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال " أفتان أنت يا معاذ؟ " مرتين متفق عليه ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالإعادة، والاعذار التي يخرج لأجلها مثل هذا والمرض وخشية غلبة النعاس أو شئ يفسد صلاته أو خوف فوات مال أو تلفه أو فوت رفقته أو من يخرج من الصف ولا يجد من يقف معه ونحو ذلك (مسألة) (وإن كان لغير عذر لم يجز في إحدى الروايتين) لأنه ترك متابعة إمامه لغير عذر أشبه ما لو تركها من غير نية المفارقة (والثانية) يصح كما إذا نوى المنفرد الإمامة بل ههنا أولى فإن المأموم قد يصير منفردا بغير نية وهو المسبوق إذا سلم إمامه والمنفرد لا يصير مأموما بغير نية بحال (مسألة) (وان نوى الإمامة لاستخلاف الإمام له إذا سبقه الحدث صح في ظاهر المذهب) وجملة ذلك أنه إذا سبق الإمام الحدث فله أن يستخلف من يتم بهم الصلاة روي ذلك عن عمر وعلي وهو قول الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وحكي عن أحمد رواية أخرى أن صلاة المأمومين تبطل، وقال أبو بكر تبطل صلاتهم رواية واحدة لأنه فقد شرط صحة الصلاة في حق الإمام فبطلت صلاة المأموم كما لو تعمد الحدث ولنا أن عمر رضي الله عنه لما طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة ولم ينكره منكر فكان إجماعا. فإن لم يستخلف الإمام فقدم المأمومون رجلا فأتم بهم جاز وان صلوا وحدانا جاز قال الزهري في إمام ينو به الدم أو يرعف: ينصرف وليقل أتموا صلاتكم وان قدمت كل طائفة من المأمومين إماما فصلى بهم فقياس المذهب جوازه، وقال أصحاب الرأي تفسد صلاتهم، ولنا أن لهم أن يصلوا وحدانا فجاز لهم أن يقدموا رجلا كحالة ابتداء الصلاة وان قدم بعضهم رجلا وصلى الباقون وحدانا جاز.
(فصل) فاما أن فعل ما يبطل صلاته عامدا فسدت صلاة الجميع فإن كان عن غير عمد لم تفسد صلاة المأمومين نص عليه أحد في الضحك وروي عن أحمد فيمن سبقه الحدث الروايتان وقد ذكرناه