كحال التحام الحرب وسنذكره في موضعه إن شاء الله (الثالث) في النافلة على الراحلة ولا نعلم في إباحة التطوع على الراحلة إلى غير القبلة في السفر الطويل خلافا بين أهل العلم. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه جائز لكل من سافر سفرا تقصر فيه الصلاة أن يتطوع على دابته حيثما توجهت به يومئ بالركوع والسجود ويجعل السجود أخفض من الركوع، وهل السفر القصير حكم الطويل في ذلك؟ وهو قول الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وقال مالك: لا يباح لأنه رخصة سفر فاختص بالطويل لا القصير ولنا قول الله تعالى (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) قال ابن عمر: نزلت هذه الآية في التطوع خاصة حيث توجه بك بعيرك، وعن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجه يومئ برأسه متفق عليه، وللبخاري الا الفرائض، ولم يفرق بين قصير السفر وطويله ولان إباحة التطوع على الراحلة تخفيف كيلا يؤدي إلى تقليله وقطعه وهذا يستوي فيه الطويل والقصير. والفطر والقصر تراعى فيه المشقة وإنما توجد غالبا في الطويل. قال القاضي: الأحكام التي يستوي فيها السفر الطويل والقصير ثلاث: التيمم وأكل الميتة في المخمصة والتطوع على الراحلة وبقية الرخص تختص الطويل وهي القصر والجمع والمسح ثلاثا (فصل) ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. قال جابر بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق والسجود أخفض من الركوع. رواه أبو داود، ويصلى على البعير والحمار وغيرهما، قال ابن عمر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر، رواه أبو داود والنسائي، لكن إذا قلنا بنجاسة الحمار فلا بد أن يكون تحته سترة طاهرة، فإن كان على الراحلة في مكان واسع كالمنفرد في العمارية يدور فيها كيف شاء ويتمكن من الصلاة إلى القبلة والركوع والسجود بالأرض لزمه ذلك كراكب السفينة وان قدر على الاستقبال دون الركوع والسجود لزمه الاستقبال وأومأ بهما نص عليه. وقال أبو الحسن الآمدي: يحتمل أن لا يلزمه شئ من ذلك كغيره لأن الرخصة العامة يسوى فيها من وجدت فيه المشقة وغيره كالقصر والجمع، وان عجز عن ذلك سقط بغير خلاف (فصل) وقبلة هذا المصلي حيث كانت وجهته فإن عدل عنها إلى جهة الكعبة جاز لأنها الأصل وإنما سقط للعذر، وإن عدل إلى غيرها عمدا فسدت صلاته لأنه ترك قبلته عمدا، وإن كان مغلوبا أو نائما أو ظنا منه أنها جهة سيره فهو على صلاته ويرجع إلى جهة سيره إذا أمكنه فإن تمادى به ذلك
(٤٨٣)