وهذا مذهب مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة لا اعتبار بالتمييز إنما الاعتبار بالعادة خاصة لما روت أم سلمة ان امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لتنظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل " رواه أبو داود وابن ماجة وهذا أحد الأحاديث الثلاثة التي قال الإمام أحمد ان الحيض يدور عليها ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش " فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي " متفق عليه ولأبي داود والنسائي " إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فامسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق " وحديث أم سلمة يدل على اعتبار العادة ولا نزاع فيه وهذه لإعادة لها (فصل) وقد اختلفوا: هل يعتبر للتمييز التكرار أم لا. فظاهر كلام شيخنا ههنا انه لا يعتبر له التكرار بل متى عرفت التمييز جلسته وهذا ظاهر كلام احمد والخرقي واختيار ابن عقيل وهو مذهب الشافعي، وقال القاضي والآمدي يعتبر له التكرار مرتين أو ثلاثا على اختلاف الروايتين فيما تثبت به العادة وقد ذكرنا ذلك في المبتدأة (فصل) فإن لم يكن الأسود مختلفا مثل أن ترى في كل شهر ثلاثة أسود ثم يصير أحمر ويعبر أكثر الحيض فالأسود حيض وحده. وإن كان مختلفا مثل أن ترى في الشهر الأول خمسة أسود وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة أو في الأول خمسة وفي الثاني ستة وفي الثالث سبعة أو غير ذلك من الاختلاف فعلى قول شيخنا الأسود حيض في كل حال. وعلى قول القاضي الأسود حيض فيما تكرر وهو ثلاث في الأولى وخمس في الثانية وما زاد عليه يكون حيضا إذا تكرر وإلا فلا. ولا تجلس عند القاضي في الشهر الأول والثاني إلا اليقين الذي تجلسه من لا تمييز لها. وان كانت مبتدأة لم تجلس إلا يوما وليلة. وهل تجلس الذي يتكرر في الشهر الثالث أو الرابع؟ ينبني على الروايتين فيما تثبت به العادة ويكون حكمها حكم المبتدأة التي ترى دما لا يعبر أكثر الحيض الأسود كالدم والأحمر كالطهر هناك فإن كانت ناسية وكان الأسود في أثناء الشهر وقلنا إن الناسية تجلس من أول الشهر جلست ههنا من أول الشهر ما تجلسه الناسية ولا تنتقل إلى الأسود حتى يتكرر فتنتقل إليه وتعلم أنه حيض فتقضي ما صامته من الفرض فيه كما ذكر في المبتدأة (فصل) فإن رأت أسود بين أحمرين أو أحمر بين أسودين وانقطع لدون أكثر الحيض فالجميع حيض إذا تكرر لأن الأحمر أشبه بالحيض من الطهر، وان عبر أكثر الحيض وكان الأسود بمفرده يصلح أن بكون حيضا فهو حيض والأحمر كله استحاضة لأن الأحمر الأول أشبه بالأحمر الثاني الذي حكمنا
(٣٣٥)