كانت إذا حاضت المرأة اعتزلوها فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجتمعوا معها في البيت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شئ غير النكاح " رواه مسلم. وهذا تفسير لمراد الله تعالى لأنه لا تتحقق مخالفة اليهود بإرادة الحيض لأنه يكون موافقا لهم ومن السنة هذا الحديث. وعن عكرمة عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها خرقة، رواه أبو داود ولأنه وطئ منع للأذى فاختص بمحله كالدبر وحديث عائشة ليس فيه دليل على تحريم ما تحت الإزار فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد يترك بعض المباح تقذرا كتركه أكمل الضب والحديث الآخر يدل بالمفهوم والمطوق راجح عليه (مسألة) (فإن وطئها في الفرج فعليه نصف دينار كفارة وعنه ليس عليه الا التوبة) اختلفت الرواية في وجوب الكفارة بوطئ الحائض في الفرج فروي عنه أن عليه الكفارة وهو المشهور في المذهب لما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال " يتصدق بدينار أو نصف دينار " رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي (والثانية) لا كفارة عليه وهو قول مالك وأبو حنيفة وأكثر أهل العلم. وللشافعي قولان كالمذهبين لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " رواه ابن ماجة ولم يذكر كفارة إلا أن البخاري ضعف هذا الحديث حكاه الترمذي ولأنه وطئ نهي عنه لأجل الأذى أشبه الوطئ في الدبر وحديث الكفارة مداره على عبد الحميد بن زيد بن الخطاب وقد قيل لأحمد في نفسك منه شئ؟ قال: نعم، قال لو صح ذلك الحديث كنا نرى عليه الكفارة (1) وقد روي عن أحمد أنه قال: إن كانت له مقدرة تصدق بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه هذا يدل على أن المعسر لا شئ عليه. قال أبو عبد الله بن حامد: كفارة وطئ الحائض تسقط بالعجز عنها أو عن بعضها ككفارة الوطئ في رمضان.
(فصل) وظاهر المذهب في الكفارة أنها دينار أو نصف دينار على وجه التخيير يروى ذلك عن ابن عباس لظاهر الحديث قال أبو داود هكذا الرواية الصحيحة قال دينار أو نصف دينار ولأنه معنى تجب الكفارة بالوطئ فيه فاستوى الحال فيه بين اقباله وادباره كالاحرام. وعنه إن كان الدم أحمر فدينار وإن كان أصفر فنصف دينار وهو قول إسحاق لما روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن كان دما أحمر فدينار وإن كان دما أصفر فنصف دينار " رواه أبو داود والترمذي إلا أن أبا داود قال: هو وقوف من قول ابن عباس والأول أولى لما ذكرنا، فإن قيل فكيف يخير بين شئ ونصفه؟
قلنا كما خير المسافر بين القصر والاتمام.
(فصل) فإن وطئها بعد الطهر قبل الغسل فلا كفارة عليه وقال قتادة والأوزاعي: عليه نصف