أنه متى انقطع دم الحائض ولما تغتسل زال من الأحكام المتعلقة بالحيض أربعة أحكام (أحدها) سقوط فرض الصلاة لأن سقوطه بالحيض وقد زال (الثاني) منع صحة الطهارة لذلك (الثالث) تحريم الصيام لأن وجوب الغسل لا يمنع فعله كالجنابة (الرابع) إباحة الطلاق لأن تحريمه لتطويل العدة أو لأجل الحيض وقد زال ذلك وسائر المحرمات باقية لأنها تحرم على الجنب فههنا أولى (فصل) فأما الوطئ قبل الغسل فهو حرام في قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر هذا كالاجماع وقال أبو حنيفة ان انقطع الدم لأكثر الحيض حل وطؤها وإلا لم يبح حتى تغتسل أو تتيمم أو يمضي عليها وقت صلاة لأن وجوب الغسل لا يمنع الوطئ كالجنابة ولنا قوله تعالى (ولا تقربوهن حتى يتطهرن فإذا تطهرن فائتوهن) قال مجاهد حتى يغتسلن وقال ابن عباس فإذا اغتسلن ولأنه قال (فإذا تطهرن) والتطهر تفعل والتفعل إذا أضيف إلى من يصح منه الفعل اقتضى إيجاد الفعل منه كما في النظائر وانقطاع الدم غير منسوب إليها ولان الله سبحانه وتعالى شرط لحل الوطئ شرطين - انقطاع الدم والغسل فلا يباح بدونهما ولأنها ممنوعة من الصلاة لحديث الحيض فمنع وطئها كما لو انقطع لأقل الحيض وبهذا ينتقض قياسهم وحدث الحيض آكد من حدث الجنابة فلا يصح الالحاق.
(فصل) وانقطاع الدم الذي تتعلق به هذه الأحكام الانقطاع الكثير الذي يوجب عليها الغسل والصلاة فأما الانقطاع اليسير في أثناء الحيض فلا حكم له لأن العادة أن الدم ينقطع تارة ويجري أخرى وسنذكر ذلك إن شاء الله (مسألة) (ويجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج) الاستمتاع من الحائض بما فوق السرة وتحت الركبة جائز بالاجماع والنص والوطئ في الفرج محرم بهما والاختلاف في الاستمتاع بما بينهما مذهب إمامنا رحمه الله جوازه وهو قول عكرمة وعطاء والشعبي والثوري وإسحاق، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي لا يباح لأن عائشة رضي اله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض رواه البخاري ومسلم بمعناه. وعن عبد الله بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال " ما فوق الإزار " رواه البيهقي ولنا قول الله تعالى (فاعتزلوا النساء في المحيض) وهو اسم لمكان الحيض كالمقيل والمبيت فتخصيصه موضع الدم بالمنع يدل على إباحته فيما عداه، فإن قيل بل المحيض الحيض بدليل قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) والأذى هو الحيض وقوله تعالى (واللائي يئسن من المحيض) وإنما يئسن من الحيض قلنا يمكن حمله على ما ذكرنا وهو أولى لوجهين (أحدهما) أنه لو أراد الحيض لكان أمرا باعتزال النساء في مدة الحيض بالكلية ولا قائل به (الثاني) أن سبب نزول الآية أن اليهود