صلاته لأن ما مضى منها كان صحيحا فجاز البناء عليه كما لو لم يبن له الخطأ. وان كانوا جماعة قد قدموا أحدهم ثم بان لهم الخطأ في حال واحدة استداروا إلى الجهة التي بان لهم فيها الصواب لأن أهل قباء بان لهم تحويل القبلة وهم في الصلاة واستداروا إلى جهة الكعبة وأتموا صلاتهم، وإن بان للإمام وحده أو للمأمومين أو لبعضهم استدار من بان له الصواب ونوى بعضهم مفارقة بعض إلا على الوجه الذي قلنا إن لبعضهم الائتمام ببعض مع اختلاف الجهة، وإن كان فيهم مقلد تبع من قلده وانحرف بانحرافه وان قلد الجميع لم ينحرف إلا بانحراف الجميع لأنه شرع بدليل يقيني فلا ينحرف بالشك الا من يلزمه تقليد الأوثق فإنه ينحرف بانحرافه (مسألة) (فإن أراد صلاة أخرى اجتهد لها فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد ما صلى بالأول) وجملته أن المجتهد متى صلى بالاجتهاد إلى جهة صلاة ثم أراد صلاة أخرى اجتهد لها كالحاكم إذا اجتهد في حادثة ثم حدث مثلها وهذا مذهب الشافعي، فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد ما صلى بالأول كالحاكم لو تغير اجتهاده في الحادثة الثانية عمل به ولم ينقض حكمه الأول وهذا لا نعلم فيه خلافا، فإن تغير اجتهاده في الصلاة استدار وبنى على ما مضى. نص عليه احمد، وقال ابن أبي موسى والآمدي لا ينتقل لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ولنا أنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة فلم تجز له الصلاة إلى غيرها كما لو أراد صلاة أخرى وليس هذا نقضا للاجتهاد إنما عمل به في المستقبل كما في الصلاة الأخرى. وإنما يكون نقضا للاجتهاد إذا ألزمناه إعادة ما مضى من صلاته، فإن لم يبق اجتهاده وظنه إلى الجهة الأولى ولم يؤده اجتهاده إلى جهة أخرى بنى على ما مضى لأنه لم يظهر له جهة أخرى يتوجه إليها. وان شك في اجتهاده لم يزل على جهته لأن الاجتهاد ظاهر فلا يزول عنه بالشك، وان بان له الخطأ ولم يعرف جهة القبلة كمن كان يصلي إلى جهة فرأى بعض منازل القمر في قبلته ولم يدر أهو في الشرق أم في الغرب واحتاج إلى الاجتهاد بطلت صلاته لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة وليست له جهة يتوجه إليها فبطلت لتعذر اتمامها والله أعلم (باب النية) (وهي الشرط السادس للصلاة على كل حال) النية هي القصد يقال نواك الله بخير أي قصدك ومحلها القلب فإن لفظ بما نواه كان تأكيدا وإن سبق لسانه إلى غير ما نواه لم تفسد صلاته وان لم ينطق بلسانه أجزأ وهي واجبة لا نعلم فيه خلافا ولا تنعقد الصلاة الا بها ولا تسقط بحال لقول الله
(٤٩٣)