فإن الأردن بالشام نحو القبلة وكثير منها يجري نحو البحر يصب فيه والله أعلم (فصل) فإن خفيت الأدلة على المجتهد لغيم أو ظلمة تحرى وصلى وصحت صلاته لأنه بذل وسعه في معرفة الحق مع علمه بأدلته، أشبه الحاكم إذا خفيت عليه النصوص. وقد روى عبد الله بن عامر ابن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل (فأينما تولوا فثم وجه الله) رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن الا أنه من حديث أشعث السمان وفيه ضعف (مسألة) (وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه ويتبع الجاهل والأعمى أوثقهما في نفسه) متى اختلف مجتهدان ففرض كل واحد منهما الصلاة إلى الجهة التي يؤديه إليها اجتهاده فلا يسعه تركها ولا تقليد صاحبه وإن كان أعلم منه كالعالمين يختلفان في الحادثة فإن اجتهد أحدهما دون الآخر لم يجز له تقليد من اجتهد حتى يجتهد بنفسه وان ضاق الوقت كالحاكم لا يسعه تقليد غيره وقال القاضي: ظاهر كلام احمد في المجتهد انه يسعه تقليد غيره إذا ضاق الوقت عن اجتهاده قال لأن أحمد قال فيمن هو في مدينة فتحرى فصلى لغير القبلة في بيت يعيد لأن عليه أن يسأل. قال شيخنا: وما استدل به لا دليل فيه وكلام أحمد إنما دل على أنه ليس لمن في المصر الاجتهاد لأنه يمكنه التوصل إلى معرفة القبلة بالخبر وكذلك لم يفرق بين ضيق الوقت وسعته مع الاتفاق على أنه لا يجوز التقليد مع سعة الوقت (فصل) ومتى اختلف اجتهادهما لم يجز لأحدهما أن يؤم صاحبه لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ الآخر فلم يجز له الائتمام به كما لو خرجت من أحدهما ربح واعتقد كل واحد منهما أنها من الآخر. قال شيخنا: وقياس المذهب جواز ذلك، وهو مذهب أبي ثور، لأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة الآخر وان فرضه التوجه إلى ما توجه إليه فلم يمنع الاقتداء به اختلاف الجهة كالمصلين حول الكعبة وقد نص أحمد على صحة الصلاة خلف المصلي في جلود الثعالب إذا كان يعتقد صحة الصلاة فيها وفارق ما إذا اعتقد كل واحد منهما حدث صاحبه لأنه يعتقد بطلان صلاته بحيث لو بان له يقينا حدث نفسه أعاد الصلاة بخلاف هذا، وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى. فأما ان مال أحدهما يمينا والآخر شمالا مع اتفاقهما في الجهة فلا يختلف المذهب في صحة ائتمام أحدهما بالآخر لاتفاقهما في
(٤٨٩)