شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٤٧٥
المظهر، كما أن كل اسم مختص بصفة معينة، بها يتميز عن غيرها. وأنما قال: (و روحه هو الممد) لأن كل من يتكلم في هذا العلم يأخذ ذلك المعنى بروحه من روح الخاتم، بل هذا النبي أيضا، من حيث ولايته، يأخذ ما يأخذ من الله بواسطة مرتبته، كما مر بيانه من أنه صاحب مرتبة الولاية المطلقة فله الإمداد و الإعطاء للمعنى المأخوذ. ولا يلزم من كون روحه ممدا لكل من يتكلم في هذا العلم أن لا يستمد بروحه من روح الخاتم.
(ما عدا روح الخاتم، فإنه لا يأتيه المادة إلا من الله، لا من روح من الأرواح، بل من روحه يكون المادة لجميع الأرواح). ظاهر مما مر. والمراد من قوله: (بل من روحه يكون المادة) أي، من مرتبة روحه يكون المادة لجميع الأرواح. وإنما قلنا كذلك، لان شيث، عليه السلام، والكمل والأفراد يأخذون من الله المعاني والحكم، كما يأخذ متبوعهم منه. وقد صرح الشيخ (رض) في مواضع من الفتوحات بذلك. ولما كان هذه المرتبة لروح الختم بالإصالة ولغيره نصيب منها، قال (رض): (بل من روحه تكون المادة وإن كان لا يعقل ذلك من نفسه في زمان تركيب جسده العنصري). أي، وإن حجبه تركيب جسده العنصري عن تعقل ما قلنا، لكن من حيث مرتبته وحقيقته يعلم ذلك، كما قال عليه السلام: (أنتم أعلم بأمور دنياكم). مع أن حقيقته هي التي تمدهم بالعلم بها، وذلك لغلبة البشرية في بعض الأوقات على ما تعطيه حقيقته. وإنما قيد الجسد ب‍ (العنصري)، لأن الجسد المثالي الروحاني لا يمنعه عن تعقل ما يعطيه مرتبته.
واعلم، أن الإنسان الكامل وإن كان من حيث حقيقته عالما بجميع المعارف والعلوم الإلهية، لكن لا يظهر ذلك إلا بعد الظهور في الوجود العيني والتعلق بالمزاج العنصري، لأن في عالم الحس يحصل الظهور التام للأعيان (25)

(25) - فإن عالم الحس هو الزيبق الذي خلف الزجاجة، فيتراكم الأنوار النازلة من حضرة نور الأنوار فينعكس وينعطف ويظهر ظهورا تاما، لكن لا بما أنه عالم الحس، بل بعد التصفية والتصقيل. فالهيولى نقطة قبض الفيض في قوسي الوجود، ويظهر منها الأنوار وينعطف إلى عالم الأسرار. (الإمام الخميني مد ظله)
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»