دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ٢٩٦
وكلام ابن حجر هذا فيه اعتراف بأن معاوية لم يكن أحق الناس بالحكم وأنه فرض نفسه بالقوة لا بالسبق إلى الإسلام والعبادة. أما ابن عمر فلم يكن هذا رأيه.
وهو كلام فيه وهن وسفاهة إذ يعتبر أن موقف معاوية وجرائمه هي مجرد رأي..
أما موقف ابن عمر الذي بايع حسما للفتنة - كما يروى - فكأنه يشير إلى أن هناكم ثقل ووزن جماهيري لابن عمر يخشى منه الدخول في صدام مع معاوية وهو غير صحيح وكل ما في الأمر أن شخصية ابن عمر كانت شخصية سلبية وعاجزة عن اتخاذ القرار المناسب في مواجهة الواقع وهو ما يظهر لنا من خلال علاقته بزوجته المشاكسة التي لم يكن يقوى على طليقها. كما كانت شخصية ابن عمر شخصية قشرية مسطحة ليس لها إلا ظاهر الأمر وهو ما يتضح من خلال تشدده في اللباس (تقصير ثوبه) واللحية وقيام الليل والمبالغة في الوضوء حيث كان يتعمد إدخال الماء في عينيه حتى ذهب بصره. وشخصية كهذه لا شأن لها بالسياسة والحكم وهو ما يفسر لنا تمسكه بظاهر الروايات الخاصة بالحكام وتطبيقها على بني أمية..
يروى: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية (عام 63 ه‍) جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي (ص) يقول: " ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة وإنا قد بايعنا هذا الرجل - يزيد - على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال. وإني لا أعلم أحد منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر - أي غير يزيد - إلا كان الفيصل بيني وبينه " (1)..
ووقت هذه الرواية هو يوم وقعة الحرة حين اقتحمت جيوش يزيد المدينة واستباحتها ثلاثة أيام حتى لم تبق في المدينة عذراء واحدة وحملت أكثر من ألف امرأة سفاحا وأسرفوا في القتل ثم أجبروا أهلها على البيعة ليزيد على أنهم عبيد له (2)..

(١) البخاري كتاب الفتن..
(٢) أنظر كتب التاريخ أحداث وقعة الحرة.. وانظر فتح الباري ح‍ ١٣ / ٥٩ كتاب الفتن..
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست