ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذر، وهذه قصة أخرى وذلك أن أبا ذر رحمه الله تعالى لما حضرته الوفاة بالربذة، وليس معه إلا امرأته وغلامه (1) عهد إليهما أن غسلاني ثم كفناني، ثم ضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم فقولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلوا ذلك. وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق عمارا (2) فلم ترعهم إلا الجنازة على قارعة الطريق، قد كادت الإبل تطاؤها، فقام إليهم العبد، فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينونا على دفنه، فأنهل ابن مسعود يبكي، ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، قال له: (تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك) ثم نزل هو وأصحابه فواروه.
وأما قوله: (إن ذلك بأن يكون طعنا في عثمان بأولى من أن يكون طعنا في ابن مسعود) فواضح البطلان، وإنما كان طعنا في عثمان دون ابن مسعود، لأنه لا خلاف بين الأمة في طهارة ابن مسعود، وفضله وإيمانه، ومدح رسول الله صلى الله عليه وآله وثنائه عليه وأنه مات على الجملة المحمودة منه، وفي كل هذا خلاف بين المسلمين في عثمان، فلهذا طعنا فيه.
فأما قوله: (إن ابن مسعود سخط جمعه الناس على قراءة زيد