مؤيدا بالوحي، موفقا في كل ما يأتي ويذر، وليس له أن يقول: (حدث من الاختلاف في أيامه ما لم يكن في أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولا من جملة ما أباحه، وذلك أن الأمر لو كان على هذا لوجب أن ينهى عن القراءة الحادثة، والأمر المبتدع، ولا يحمله ما حدث من القراءة على تحريم المتقدم المباح بلا شبهة.
وقول صاحب الكتاب: (إن الإمام إذا فعل ذلك فكأن الرسول صلى الله عليه وآله فعله) فتعلل بالباطل منه، وكيف يكون ما ادعى وهذا الاختلاف بعينه قد كان موجودا في أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما نهى عنه؟ فلو كان سببا لانتشار الزيادة في القرآن وفي قطعه تحصين له لكان عليه السلام بالنهي عن هذا الاختلاف أولى من غيره اللهم إلا أن يقال: إنه حدث اختلاف لم يكن، فقد قلنا: (إن عمر كان قد عزم على ذلك فمات دونه) فما سمعناه إلا منه فلو فعل ذلك أي فاعل لكان ذلك منكرا.
فأما اعتذاره من (أن إحراق المصاحف لا يكون استخفافا بالدين) بحمله إياه على تخريب مسجد الضرار والكفر فبين الأمرين بون بعيد، لأن البنيان إنما يكون مسجدا وبيتا لله تعالى بنية الباني وقصده ولولا ذلك لم يكن بعض البنيان بأن يكون مسجدا أولى من بعض، ولما كان قصده في الموضع الذي ذكره غير القربة والعبادة، بل خلافها وضدها من الفساد والمكيدة لم يكن في الحقيقة مسجدا وإن سمي بذلك مجازا، وعلى ظاهر الأمر فهدمه لا حرج فيه، وليس كذلك ما بين الدفتين لأنه كلام الله تعالى الموقر المعظم الذي يجب صيانته عن البذلة والاستخفاف، فأي نسبة بين الأمرين؟
فأما حكايته عن الخياط أن ابن مسعود إنما عاب عثمان لعزله إياه،