الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٨٤
وإحراقه المصاحف) واعتذاره من جمع الناس على قراءة واحدة: (بأن فيه تحصين القرآن، وقطع المنازعة، والاختلاف فيه) ليس بصحيح ولا شك في أن ابن مسعود كره إحراق المصاحف كما كرهه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتكلموا فيه، وذكر الرواة كلام كل واحد منهم في ذلك مفصلا، وما كره عبد الله من تحريم قراءته، وقصر الناس على قراءة غير إلا مكروها، وهو الذي يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد).
وروى عن ابن عباس أنه قال قراءة ابن أم عبد هي القراءة الأخيرة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعرض عليه القرآن في كل سنة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عليه السلام عرض عليه دفعتين، وشهد عبد الله ما نسخ منه، وما صح فهي القراءة الأخيرة.
وروى شريك عن الأعمش قال: قال ابن مسعود: لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة، وأن زيد بن ثابت لغلام يهودي في الكتاب له ذؤابة.
فأما اختلاف الناس في القراءة والأحرف فليس بموجب لما صنعه عثمان لأنهم يروون أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف) فهذا الاختلاف عندهم في القرآن مباح مسند عن رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف يحظر عليهم عثمان من التوسع في الحروف ما هو مباح؟ فلو كان في القراءة الواحدة تحصين القرآن كما ادعى لما أباح النبي صلى الله عليه وآله في الأصل إلا القراءة الواحدة لأنه أعلم بوجوه المصالح من جميع أمته، من حيث كان
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»