فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ١٩٩
* وأعجب من ذاك عيدانها * وقد مسها كيف لا تورق * فضمه طاهر إليه وبقي معه ثلاثين سنة لا يفارقه وكلما استأذنه في الانصراف إلى أهله ووطنه لم يأذن له فلما مات طاهر ظن أنه قد تخلص وأنه يلحق بأهله فقربه عبد الله بن طاهر وأنزله منزلته من أبيه وأفضل عليه حتى كثر ماله وحسنت حاله وتلطف بجهده أن يأذن له بالعودة فاتفق أن خرج عبد الله بن طاهر إلى خراسان فجعل عوفا عديله فلما شارف الري سمع صوت عندليب يغرد بأحسن تغريد فأعجب ذلك عبد الله والتفت إلى عوف وقال يا بن محلم هل سمعت بأشجى من هذا فقال لا والله فقال عبد الله قاتل الله أبا كبير حيث يقول * ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر * وغصنك مياد ففيم تنوح * * أفق لا تنح من غير شيء فإنني * بكيت زمانا والفؤاد صحيح * * ولوعا فشطت غربة دار زينب * فها أنا أبكي والفؤاد قريح * فقال عوف أحسن والله أبو كبير إنه كان في الهذليين مائة وثلاثون شاعرا ما فيهم إلا مفلق وما كان فيهم مثل أبي كبير وأخذ عوف يصفه فقال له عبد الله أقسمت عليك إلا عارضت قوله فقال عوف قد كبر سني وفني ذهني وأنكرت كل ما أعرف فقال له عبد الله بتربة طاهر إلا فعلت فقال عوف رحمه الله * أفي كل عام غربة ونزوح * أما للنوى من ونية فتريح * * لقد طلح البين المشت ركائبي * فهل أرين البين وهو طريح * * وأرقني بالري نوح حمامة * فنحت وذو البث الغريب ينوح * * على أنها ناحت ولم تذر دمعة * ونحت وأسراب الدموع سفوح * * وناحت وفرخاها بحيث تراهما * ومن دون أفراخي مهامه فيح * * ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر * وغصنك مياد ففيم تنوح * * عسى جود عبد الله أن يعكس النوى * فيلقي عصا التطواف وهي مليح *
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»