فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
على ذلك دأبه ودأبهم ثلاثة أيام ولم يلتقوا وهم في موضع واحد ثم تركوا الشرب عمدا حتى أفاق فلقوه وفي ذلك يقول * ندامى بعد ثالثة تلاقوا * يضمهم بكوه زيان راح * * وقد باكرتها فتركت منها * قتيلا ما أصابني جراح * * فقالوا أيها الخمار من ذا * فقال أخ تخونه اصطباح * * فقالوا هات راحك ألحقنا * به وتعللوا ثم استراحوا * * فما إن لبثتهم أن رمتهم * بحد سلاحها ولها سلاح * * وحان تنبهي فسألت عنهم * فقال أتاحهم قدر متاح * * رأوك مجدلا واستخبروني * فحركهم إلى الشرب ارتياح * * فقلت بهم فألحقني فهبوا * فقالوا هل تنبه حين راحوا * * فقال نعم فقالوا ألحقنا * به قد لاح للرائي صباح * * فما إن زال ذاك الدأب منا * ثلاثا تستهب وتستباح * * نبيت معا وليس لنا التقاء * ببيت ما لنا منه براح * قال صدقة بن إبراهيم البكري كان أبو الهندي يشرب معنا وكان إذا سكر يتقلب تقلبا قبيحا في نومه فكنا كثيرا ما نشد رجله لئلا يسقط فسكرنا ليلة في سطح وشددنا رجله بحبل طويل ليهتدي على القيام لبوله فتقلب فسقط من السطح فأمسكه الحبل فبقي معلقا منكسا فأصبحنا فوجدناه ميتا فمررت على قبره بعد حين فوجدت عليه مكتوبا * اجعلوا إن مت يوما كفني * ورق الكرم وقبري المعصرة * * إنني أرجو من الله غدا * بعد شرب الراح حسن المغفرة * وكان الفتيان يجيئون إلى قبره فيشربون ويصبون القدح إذا وصلوا إليه على قبره ومن شعره * إذا صليت خمسا كل يوم * فإن الله يغفر لي فسوقي * * ولم أشرك برب الناس شيئا * فقد أمسكت بالحبل الوثيق * * وجاهدت العدو ونلت مالا * يبلغني إلى البيت العتيق * * فهذا الحق ليس به خفاء * دعوني من بنيات الطريق *
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»