سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ١٠
قلت: ما هو ممن يكذب، كلا. وكان عبثه بالمرد أيام الشبيبة، فلما شاخ أقبل على شأنه، وبقيت الشناعة، وكان أعور.
قال أبو العيناء (1): وقف له الاضراء (2)، فطالبوه، فقال: ليس لكم عند أمير المؤمنين شئ. فقالوا: لا تفعل يا أبا سعيد، فصاح: الحبس الحبس، فحبسوا، فلما كان الليل ضجوا. فقال المأمون: ما هذا؟
قيل: الاضراء. فقال له: ولم حبستهم؟ أعلى أن كنوك؟ قال: بل حبستهم على التعريض بشيخ لائط في الحربية (3).
قال فضلك الرازي: مضيت أنا وداود الأصبهاني إلى يحيى بن أكثم، ومعنا عشرة مسائل، فأجاب في خمسة منها أحسن جواب. ودخل غلام مليح، فلما رآه اضطرب، فلم يقدر يجئ ولا يذهب في مسألة.
فقال داود: قم، اختلط الرجل (4).

(١) هو محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي ولاء. المتوفى سنة ٢٨٣ ه‍. وسترد ترجمته في الجزء الثالث عشر ترجمة رقم (١٤٢).
(٢) الاضراء: جمع ضرير، وهو من فقد بصره.
(٣) الخبر في " تاريخ بغداد " ١٤ / ١٩٤، ١٩٥ بتوسع. ولفظه بإسناده إلى أبي العيناء، قال: تولى يحيى بن أكثم ديوان الصدقات على الاضراء، فلم يعطهم شيئا، فطلبوه وطالبوه، فلم يعطهم، فاجتمعوا. فلما انصرف من جامع الرصافة من مجلس القضاء، سألوه وطالبوه، فقال: ليس لكم عند أمير المؤمنين شئ... الخبر. والحربية: محلة كبيرة مشهورة ببغداد عند باب حرب، قرب مقبرة بشر الحافي وأحمد بن حنبل، وغيرهما، تنسب إلى حرب بن عبد الله البلخي، أحد قواد أبي جعفر المنصور، وقد تصحفت في تاريخ بغداد إلى (الخريبة).
(٤) " تهذيب الكمال ": ١٤٨٦. وقد أورد الخطيب البغدادي ١٤ / ١٩٧ وابن خلكان ٦ / ١٥٢ بعض الأخبار التي تذكر ما كان يتهم به يحيى بن أكثم من الهنات المنسوبة إليه كاللواطة وغيرها. وما إخال أن هذه الأخبار تصح عن قاض كبير كيحيى بن أكثم الذي كان إماما من أئمة الاجتهاد، مما دفع الخليفة المأمون - وهو من هو علما ومعرفة - لان يوليه قضاء بغداد. ولا سيما أن هذه الأخبار وردت عمن لا يحتج بهم... وقد قال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " 10 / 316، كان يحيى بن أكثم هذا من أئمة السنة، وعلماء الناس، ومن المعظمين للفقه والحديث واتباع الأثر.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»