تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٨
" * (قال الملأ من قوم فرعون ان هذا لساحر عظيم) *) يعنون أنه يأخذ بأعين الناس بخداعه إياهم حتى تخيل إليهم العصا حية والأدم أبيض (يري الشيء) بخلاف ما هو به، كما قيل سحر المطر الأرض إذا جاءها فقطع نباتها من أصلها وقلب الأرض على البطن فهو يسحرها سحرا والأرض مسحورة فشبه سحر الساحر به لتخيله إلى من سحره أنه يري الشيء بخلاف ما هو به، ومنه قول بني الرمة في صفة السراب وساحرة العيون من الموامي ترقص في نواشزها الأروم " * (يريد أن يخرجكم) *) (من القبط) * * (من أرضكم) *) مصر " * (فماذا تأمرون) *) هذا من قول فرعون للملأ ولم يذكر فرعون فيه كقوله " * (الآن حصص الحق) *) * * (أنا راودته عن نفسه وإنه من الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) *) هذا من كلام يوسف ولم يذكر " * (قالوا أرجه) *) أحبسه " * (وأخاه) *) هارون ولا تقتلهما ولا يؤمن بهما، وقال عطاء: احبسه وهذا أعجب إلي لأنه قد علم أنه لا يقدر على حبسه بعد ما رأى الآيات من العصا واليد.
" * (وأرسل في المدائن حاشرين) *) يعني الشرطة وكانت له مدائن فيها السحرة عدة للأشياء إذا (حز به أمر) أرسل.
" * (يأتوك بكل ساحر عليم) *) قرأها أهل الكوفة على التكثير وقرأ العامة كل ساحر. والفرق بين الساحر والسحار أن الساحر الذي لا يعلم والسحار الذي يعلم ولا يعلم. وقال المؤرخ: الساحر من سحره في وقت دون وقت، والسحار من قديم السحر.
قال: فإن غلبهم موسى صدقناه على ذلك وعلمت أنه ساحر.
قال ابن عباس وابن إسحاق والسدي: قال فرعون لما رأى من سلطان الله في العصا ما رأى: إنا لا نغالب موسى إلا بمن هو مثله فأخذ غلمان بني إسرائيل فبعث بهم إلى قرية يقال لها الفرقاء يعلمونهم السحر كما يعلم الصبيان الكتابة في المكتب فعلموهم سحرا كثيرا وواعد فرعون موسى موعدا، فبعث فرعون إلى السحرة فجاء بهم ومعهم معلمهم فقال له ماذا صنعت؟ قال: قد علمتهم سحر لا يطيقه سحرة أهل الأرض إلا أن يكون أمر من السماء فإنه لا طاقة لهم به، ثم بعث فرعون الشرطي في (مملكته) فلم يترك في سلطانه ساحرا إلا أتى به واختلفوا في عدد السحرة الذين جمعهم فرعون.
فقال مقاتل: كان السحرة اثنين وسبعين ساحرا اثنان فيهم من القبط وهما رئيسا القوم وسبعون من بني إسرائيل.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»