تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٩٣
الشرير في شره لستره عليه فيقع فيه الشر أكثر مما يقع منه بالنهار، والانسان فيه أضعف منه في النهار تجاه هاجم الشر، وقيل: المراد بالغاسق كل هاجم يهجم بشره كائنا ما كان.
وذكر شر الليل إذا دخل بعد ذكر شر ما خلق من ذكر الخاص بعد العام لزيادة الاهتمام وقد اهتم في السورة بثلاثة من أنواع الشر خاصة هي شر الليل إذا دخل وشر سحر السحرة وشر الحاسد إذا حسد لغلبة الغفلة فيهن.
قوله تعالى: " ومن شر النفاثات في العقد " أي النساء الساحرات اللاتي يسحرن بالعقد على المسحور وينفثن في العقد. وخصت النساء بالذكر لان السحر كان فيهن ومنهم أكثر من الرجال، وفي الآية تصديق لتأثير السحر في الجملة، ونظيرها قوله تعالى: في قصة هارون وماروت " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " البقرة: 102 ونظيره ما في قصة سحرة فرعون.
وقيل: المراد بالنفاثات في العقد النساء اللاتي يملن آراء أزواجهن إلى ما يرينه ويردنه فالعقد هو الرأي والنفث في العقد كناية عن حله، وهو بعيد.
قوله تعالى: " ومن شر حاسد إذا حسد " أي إذا تلبس بالحسد وعمل بما في نفسه من الحسد بترتيب الأثر عليه.
وقيل: الآية تشمل العائن فعين العائن نوع حسد نفساني يتحقق منه إذا عاين ما يستكثره ويتعجب منه.
(بحث روائي) في الدر المنثور اخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم قال: سحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل من اليهود فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وقال: إن رجلا من اليهود سحرك والسحر في بئر فلان فأرسل عليا فجاء به فأمره ان يحل العقد ويقرء آية فجعل يقرء ويحل حتى قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنما نشط من عقال.
أقول: وعن كتاب طب الأئمة باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل عن الصادق عليه السلام مثله وفي هذا المعنى روايات كثيرة من طرق أهل السنة باختلافات يسيرة، وفي غير واحد منها انه ارسل مع علي عليه السلام زبيرا وعمارا وفيه روايات أخرى أيضا من طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وما استشكل به بعضهم في مضمون الروايات ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مصونا من تأثير السحر كيف؟ وقد قال الله تعالى: " وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 » »»
الفهرست