تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٤٢
بقاء زمانيا كبقائنا، وكنسبة الظلم في فعله أو الجهل في حكمه ونحو ذلك إليه، وهذه جميعا من الالحاد في أسمائه.
ويرجع الأصناف الثلاثة في الحقيقة إلى صنفين: صنف يدعونه بالأسماء الحسنى ويعبدون الله ذو الجلال والاكرام، وهؤلاء هم المهتدون بالحق، وصنف يلحدون في أسمائه ويسمون غيره باسمه أو يسمونه باسم غيره: وهؤلاء أصحاب الضلال الذين مسيرهم إلى النار على حسب حالهم في الضلال وطبقاتهم منه، وقد بين الله سبحانه: أن الهداية منه مطلقا فإنها صفة جميلة وله تعالى حقيقتها، وأما الضلال فلا ينسب إليه سبحانه أصله لأنه بحسب الحقيقة عدم اهتداء المحل بهداية الله، وهو معني عدمي وصفة نقص وأما تثبيته في المحل بعد أول تحققه، وجعله صفة لازمة للمحل بمعنى سلب التوفيق وقطع العطية الإلهية جزاء للضال بما آثر الضلال على الهدى، وكذب بآيات الله فهو من الله سبحانه، وقد نسبه إلى نفسه في كلامه، وذلك بالاستدراج والاملاء.
فالآيات تشير إلى أن ما انتهى إليه كلامه سبحانه أن حقيقة الهداية والاضلال من الله إنما مغزاه وحقيقة معناه أن الامر يدور مدار دعوته تعالى بالأسماء الحسنى وكلها له، وهو الاهتداء، والالحاد في أسمائه، والناس في ذلك صنفان: مهتد بهداية الله لا يعدل به غيره، وضال منحرف عن أسمائه مكذب بآياته، والله سبحانه يسوقهم إلى النار جزاء لهم بما كذبوا بآياته، كما قال: " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس " الآية، وذلك بالاستدراج والاملاء.
قوله تعالى: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " الاسم بحسب اللغة ما يدل به على الشئ سواء أفاد مع ذلك معنى وصفيا كاللفظ الذي يشار به إلى الشئ لدلالته على معنى موجود فيه، أو لم يفد إلا الإشارة إلى الذات كزيد وعمرو وخاصة المرتجل من الاعلام، وتوصيف الأسماء الحسنى - وهي مؤنث أحسن - يدل على أن المراد بها الأسماء التي فيها معنى وصفى دون ما لا دلالة لها إلا على الذات المتعالية فقط لو كان بين أسمائه تعالى ما هو كذلك، ولا كل معني وصفى، بل المعني الوصفي الذي فيه شئ من الحسن، ولا كل معني وصفى حسن بل ما كا أحسن بالنسبة إلى غيره إذا اعتبرا مع الذات المتعالية: فالشجاع والعفيف من الأسماء الحسنة لكنهما لا يليقان بساحة قدسه
(٣٤٢)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الجهل (1)، الضلال (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست