فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ١٦٠
متشبعا بضد الخبر المتواتر فإنه إذا كان كذلك لا يقع منه موقع التواتر ولا يوجب عنده العلم، فهؤلاء لما تعلق بذهنهم بطلان كل ما ورد في فضل علي عليه السلام، وأنه من وضع الرافضة صاروا يردون من ذلك ما بلغ حد التواتر بادعاء السرقة التي لا يقبلها العقل السليم.
وأما ابن الجوزي فهو مقلد لمن سبقه فلا ينبغي أن يمد في الحاكمين على الحديث بالوضع لأنه لم يقل ذلك عن اجتهاد، فهو بمنزلة العدم كحال كل مقلد، ولو فرضنا أنه حكم بذلك اجتهادا فتساهله وتهوره معلوم حتى قال الحافظ فيه (1): إنه حاطب ليل لا يدري ما يخرج من رأسه وقد كثر اعتراض الناس عليه، وتعقبه فيما حكم عليه من الأحاديث بالوضع والتحذير من الاغترار بكلامه كما بسطته في غير هذا الموضوع، وقد تعقبوه على هذا الحديث كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.
(وأما الذهبي): فلا ينبغي أن يقبل قوله في الأحاديث الواردة بفضل علي عليه السلام فإنه سامحه الله كان إذا وقع نظره عليها اعترته حدة أتلفت شعوره وغضب أذهب وجدانه حتى لا يدري ما يقول وربما سب ولعن من روى فضائل علي عليه السلام كما وقع منه في غير موضع من الميزان وطبقات الحفاظ تحت ستارة أن الحديث موضوع، ولكنه لا يفعل ذلك فيمن يروي الأحاديث الموضوعة في مناقب أعدائه، ولو بسطت المقام في هذا لذكرت لك ما تقضي منه بالعجب من الذهبي رحمه الله تعالى وسترنا عنه آمين.
ويكفي في رد كلامه أنه قال في الميزان: عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي الرجل الصالح إلا أنه شيعي جلد ا ه‍ (2). فما وصفه بضعف ولا رماه بكذب، تم عند ذكر الحديث في المستدرك أقسم بالله

(١) اللآلئ المصنوعة ١: ٣٣٤.
(٢) ميزان الاعتدال ٢: ١٢٩.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»