السقيفة وفدك - الجوهري - الصفحة ٧٧
الجيش بتثاقله، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه بثقل ويخف، ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث، حتى قال له أسامة: بأبي أنت وأمي، أيأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى؟ فقال: أخرج وسر على بركة الله، فقال: يا رسول الله، إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال رجت وفي قلبي قرحة منك، فقال: سر على النصر والعافية، فقال: يا رسول الله إني أكره أن أسأل عنك الركبان، فقال: انفذ لما أمرتك به، ثم أغمي على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقام أسامة فتجهز للخروج، فلما أفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سأل عن أسامة والبعث، فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول: انفذوا بعث أسامة، لعن الله من تخلف عنه، وكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه، والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر، وعمر، وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار أسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: ادخل فإن رسول الله يموت، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه، فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله، ورسول الله قد مات في تلك الساعة.
قال: فما كان أبي بكر وعمر يخاطبان أسامة إلى أن ماتا إلا بالأمير.
* حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، عن عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي، عن السعدي عن أبيه، أن سعيد بن العاص، حيث كان أمير الكوفة، بعث مع ابن أبي عائشة مولاه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) بصلة، فقال علي (عليه السلام): والله لا يزال غلام من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما أفاء الله على رسوله بمثل قوت الأرملة، والله لئن بقيت لأنفضنها نفض القصاب الوذام التربة.

(١) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام: معجم البلدان ٢: ١٢٨.
(2) ابن أبي الحديد 5: 52. النص والاجتهاد: 94.
(3) ابن أبي الحديد 6: 175.
قال ابن أبي الحديد بعد نقله الحديث: إعلم أن أصل هذا الخبر قد رواه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني في كتاب الأغاني، بإسناده إلى الحارث بن حبيش قال: بعثني سعيد بن العاص - وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل عثمان - بهدايا إلى المدينة وبعث معي هدية إلى علي (عليه السلام) وكتب إليه: أني لم أبعث إلى أحد أكثر مما بعثت به إليك إلا إلى أمير المؤمنين، فلما أتيت عليا (عليه السلام) وقرأ كتابه قال: لشد ما يخطر علي بنو أمية تراث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أما والله لئن وليتها لأنفضنها نفض القصاب التراب الوذمة.
الوذام التربة: وهي الحزة من الكرش أو الكبد تقع في التراب فتنفض.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست