وقد ذكر هذه المسألة في القنية آخر الكتاب في المسائل التي لم يوجد فيها رواية منصوصة ولا جواب من المتأخرين: إذا قال المودع للمودع من جاءك بعلامة كذا بأن أخذ أصبعك أو قال لك كذا فادفع إليه الوديعة فهل يصح هذا التوكيل أم لا يصح لكون الوكيل مجهولا ويضمن بالدفع؟. ا ه. فقد جزم هنا بعدم صحة الوكالة وتردد فيما إذا وكل بعض الورثة إنسانا ليستوفي نصيبه من ديون مورثه على الناس ولا يعلم الموكل والوكيل بعض من عليهم الديون يصح، أفتى به تاج الدين أخو الحسام الشهيد بعد التأمل والمباحثة الكثيرة ا ه. مع أنها توكيل مجهول. تأمل.
فرع: قال في الولوالجية: رجل غاب وأمر تلميذه أن يبيع السلعة ويسلم ثمنها إلى فلان فباعها وأمسك الثمن عنده ولم يسلمه حتى هلك لا يضمن، لان أستاذه لا يضيق عليه عادة فلا يصير بتأخير الأداء ضامنا. ا ه.
بعث المديون المال على يد رسول فهلك، فإن كان رسول الدائن هلك عليه، وإن كان رسول المديون هلك عليه، وقول الدائن ابعث بها مع فلان ليس رسالة منه فإذا هلك هلك على المديون، بخلاف قوله ادفعها إلى فلان فإنه إرسال، فإذا هلك هلك على الدائن. وبيانه في شرح المنظومة ا ه.
أشباه. قوله: (وفي الوهبانية الخ) هذه الأبيات منها ليست على نسق واحد بل من مواضع متعددة.
قوله: (لم يبرأ) قال العلامة عبد البر: ورأيت بخط بعض العلماء بطرة القنية في هذا الموضع: هذا الجواب إنما يستقيم على قولهما، والله تعالى أعلم بالصواب. قوله: (وبعه وبع بالنقد) هذه صور واحدة، فإنه يجوز له فيها أن يبيع بالنسيئة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقوله أو بع لخالد: يعني إذا قال له بعه وبعه لخالد جاز له أن يبيعه من غيره ويحمل على المشهورة، كما إذا قال لمضاربه: خذ هذا المال مضاربة واشتر به البر وبعه فله أن يشتري غير البر، لان الكلام مشورة منه، بخلاف ما إذا قال بعه بالنقد أو قال بعه من فلان فلا يجوز له المخالفة، كما لو قال: لا تبع إلا من فلان فباع من غيره لا يجوز.
وفي المبسوط: الوكيل بالبيع من فلان لا يبيع من غيره لان المقصود الثمن، وإنما رضي بكونه في ذمة من سماه لان الناس يتفاوتون في ملاءة الذمم فلا يجوز بيعه من غير من سماء. وفي البزازية:
بعه من فلان فباعه من غيره جاز. وفي الكافي: لا يجوز.
قال العلامة ابن الشحنة في شرح الوهبانية: وإذا تأملت فيما ذكروا من الأصل رأيت أن من قال بالجواز في بعه من فلان فباع لغيره رأى أن هذا مفيد من وجه فقط ولم يوجد التأكيد بالنفي، ومن قال لا يجوز بيعه من غيره رآه مفيدا من كل وجده ا ه.
وفي الخلاصة وجامع البزازي: لو قال بعه إلى أجل فباع نقدا، قال الامام السرخسي: الأصح أنه لا يجوز بالاجماع.
وفي الوجيز شرح الجامع الكبير: ولو دفع إليه عبدا وأمره بالبيع ونهاه عن التسليم بعد البيع حتى يقبض الثمن، قال محمد: النهي باطل، وقيل أبو حنيفة معه، وقال أبو يوسف: يصح، حتى لو