أقول: وبهذا المعنى الآخر يظهر وجه مسألة قبول الشهادة فيما لو ادعى الشراء من مجهول وشهدوا بالمطلق. قوله: (بأن ادعى بسبب) أي ادعى العين لا الدين. بحر. قوله: (لكونها بالأكثر) وفيه لا تقبل إلا إذا وفق. بحر. قوله: (قلت وهذا في غير دعوى إرث) لان مساو للملك المطلق على المشهور كما قدمناه.
قال في البحر: وقد جعل المؤلف رحمه الله تعالى دعوى الإرث كدعوى الشراء، والمشهور أنه كدعوى المطلق. كذا في فتح القدير وجزم به في البزازية ا ه.
أقول: وكذا جزم به في الخلاصة، وقيد بالدار للاحتراز عن الدين فإن فيه اختلافا.
وفي فتح القدير: لو ادعى الدين بسبب القرض فشهدا بمطلق لا تقبل. وفي المحيط ما يدل على القبول. وعندي: الوجه القبول لان أولوية الدين لا معنى له، بخلاف العين ا ه.
قال الرملي: قال في التتارخانية ناقلا عن المحيط: ولو ادعى على رجل ألف درهم وقال خمسمائة منها ثمن عبد اشتراه مني وقبضه وخمسمائة منها ثمن متاع اشتراه مني وقبضه وشهد الشهود له بالخمسمائة مطلقا قبلت الشهادة على الخمسمائة، فهذه المسألة تنصيص على أن المدعي إذا ادعى الدين بسبب وشهدا الشهود مطلقا أنه تقبل على الدين، وبه كان يفتي الشيخ الامام ظهير الدين المرغيناني، والمسألة مرت من قبل ا ه. وهو ما تفقه به في فتح القدير. ا ه.
قلت: وفي نور العين: وقيل تقبل وهو الصحيح. والفرق بين الدين والعين أن العين تحتمل الزوائد في الجملة، وحكم المطلق أن يستحق بزوائده والملك بسبب بخلافه فيصير بالسبب مكذبا لشهوده بالمطلق، بخلاف الدين لأنه لا يحتمل الزوائد فلا إكذاب فافترقا ا ه. وهكذا حرره منلا علي التركماني في مجموعته الكبرى. قوله: (ونتاج) لان المطلق أقل منه لأنه يفيد الأولية على الاحتمال والنتاج على اليقين، ولو ادعى النتاج وشهدا على الشراء لا تقبل، إلا أن يوفق المدعي فيقول نتجت عندي ثم بعتها منه ثم اشتريتها فتقبل كما في البحر.
وفي البحر أيضا: والحاصل أنهم إذا شهدوا بأكثر مما ادعى، فإن وفق المدعي قبلت في المسائل كلها وإلا لا، وهذا مما يجب حفظه ا ه.
أقول: أما قول البحر: ادعى النتاج وشهدا على الشراء لا تقبل الخ لا يخفى الشهادة على الشراء شهادة على الملك بسبب وهو أقل من النتاج فتكون شهادته بالأقل، وقد مر أن الشهادة بأقل مما ادعى تقبل بلا توفيق، ويظهر من كلام الخانية أن الشهادة بالأقل تقبل إذا صلح ذلك الأقل بيانا لما ادعاه، فإنه ذكر أولا أنه إذا ادعى دارا في يد رجل أنها له وشهدا أنه اشتراها من ذي اليد جازت لان شهادتهم بالأقل مما ادعى، وما شهدوا به يصلح بيانا لما ادعاه المدعي فإنه لو قال ملكي لأني اشتريتها من ذي اليد يصح ويكون آخر كلامه بيانا للأول، بخلاف ما إذا ادعى أولا النتاج وشهد بالشراء من ذي اليد لا تقبل إلا أن يوفق، وإلا فلا، لان دعو النتاج على ذي اليد لا يحتمل دعوى ملك حادثة من جهته، لأنه لو قال هذه الدابة ملكي بالنتاج من جهة ذي اليد لا يصح كلامه، فلا يمكن أن يجعل آخر كلامه بيانا للأول، ولا تقبل الشهادة بدون التوفيق ا ه. فتأمل.