تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٤٨٤
لا لفاحشة في الذين آمنوا) * (النور: 19) الآية، لان ظاهرها أنهم يحبون ذلك لأجل إيمانهم وذلك صفة الكافر، ولأن مقصود الشاهد ارتفاعها لا إشاعتها وكذا لا يعارض أفضلية الستر آية النهي عن كتمانها لأنها في حقوق العباد بدليل قوله تعالى: * (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) * (البقرة: 282) إذ الحدود لا مدعى فيها. ورد قول من قال إنها في الديون بأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب كما ذكره الرازي، أو لأنه عام مخصوص بأحاديث الستر التي بلغت مبلغا لا ينحط عن درجة الشهرة لتعدد متونها مع قبول الأمة لها، أو هي مستند الاجماع على تخيير الشاهد في الحدود كما يفهم من البحر. وتمام الكلام على ذلك فيه، فراجعه فإنه مهم. قوله: (ولحديث من ستر ستر) الذي في الفتح من ستر على مسلم ستره الله تعالى وأفاد أنه في الصحيحين. قوله: (إلا لمتهتك بحر) وفيه عن الفتح. وإذا كان الستر مندوبا إليه ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه لأنها في رتبة الندب في جانب الفعل وكراهة التنزيه في جانب الترك، وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد الزنا ولم يتهتك به، أما إذا وصل الحال إلى إشاعته والتهتك به، بل بعضهم ربما افتخر به فيجب كون الشهادة أولى من تركها، لان مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش بالخطابات المفيدة لذلك، وذلك يتحقق بالتوبة من الغافلين وبالزجر لهم، فإذا ظهر حال الشهرة في الزنا مثلا والشرب وعدم المبالاة به وإشاعته، فإخلاء الأرض المطلوب حينئذ بالتوبة احتمال يقابله ظهور عدمها ممن اتصف بذلك، فيجب تحقيق السبب الآخر للاخلاء وهو الحدود، خلاف من زنى مرة أو مرارا مستترا متخوفا متندما عليه فإنه محل استحباب ستر الشاهد، وقوله عليه الصلاة والسلام لهزال في ماعز لو كنت سترته بثوبك الحديث، وذكره في غير مجلس القاضي بمنزلة الغيبة يحرم منه ما يحرم منها ويحل منه ما يحل منها اه‍. قوله: (والأولى الخ) هذا كالاستدراك على قوله أبر، لأنه ربما يفيد عدم التعرض بالشهادة في السرقة أصلا ويلزم منه ضياع حق الغير، فاستثنى السرقة وأثبت لها حكما خاصا، وهو أنه يأتي بلفظ يفيد الضمان من غير قطع. فاستثنى السرقة وأثبت لها حكما خاصا، وهو أنه يأتي بلفظ يفيد الضمان من غير قطع. قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: وفيه إشارة إلى أن المراد ستر أسباب الحدود اه‍. وبه ظهر الجواب. قوله: (أخذ) الاخذ أعم من كونه غصبا أو على ادعاء أنه ملكه مودعا عند المأخوذ منه وغير ذلك، فلا تستلزم الشهادة بالأخذ مطلقا ثبوت الحد بها. كمال.
لكن قد يقال مع هذا الاحتمال لا إحياء للحق فيه ط.
قال في البحر: ولا يقول سرق محافظة على الستر، ولأنه لو ظهرت السرقة لوجب القطع والضمان لا يجامع القطع فلا يحصل إحياء حقه. وصرح في غاية البيان بأن قوله أخذ أولى من سرق، وعلى هذا فيحمل قول القدوري: وجب أن يقول أخذ على معنى ثبت لا الوجوب الفقهي، وقوله في العناية: فتعين ذلك مع قوله لا يجوز: أي أن يقول سرق تسامح، وإنما الكلام في الأفضل، وكل منهما جائز اه‍.
(وفيه لطيفة) حكى الفخر الرازي في التفسير: أن هارون الرشيد كان مع جماعة من الفقهاء وفيهم أبو يوسف، فادعى رجل على آخر بأنه أخذ ماله من بيته فأقر بالأخذ، فسأل الفقهاء فأفتوا بقطع يده، فقال أبو يوسف: لا، لأنه لم يقر بالسرقة وإنما أقر بالأخذ، فادعى المدعي أنه سرق فأقر بها فأفتوا بالقطع. وخالفهم أبو يوسف فقالوا له: لم؟ قال: لأنه لما أقر أولا بالأخذ ثبت الضمان عليه وسقط
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813