وفي الحقائق: قد تتحقق الدعوى حكما بأن يقطع العبد يد حر فقال الحر أعتقك مولاك قبل الجناية ولي عليك القصاص فأنكر العبد والمولى ذلك تقبل بينته ويقضى بعتقه، لان دعوى المجني عليه العتق قائم مقام دعوى العبد حكما.
ثم اعلم أن الشهادة بلا دعوى أحد مقبولة في حقوق الله تعالى، لان القاضي يكون نائبا عن الله تعالى فتكون شهادة على خصم فتقبل، وغير مقبولة في حقوق العبد، وهذا أصل متفق عليه، لكن الغالب عندهما في عتق العبد حق الله تعالى، لان سبب المالكية وهي الحرية يتعلق بها حقوق الله تعالى من وجوب الزكاة والجمعة وغيرهما: يعني كالعيد والحج والحدود ولذا لم يجز استرقاق الحر برضاه لما فيه من إبطال حق الله تعالى، فتقبل بدون الدعوى، والغالب عنده حق العبد لان نفع الحرية عائدا إليه من مالكيته وخلاصه من كونه مبتذلا كالمال، فلا تقبل بدون الدعوى كما في شرح المجمع لابن ملك.
قوله: (وتدبيره) قد علمت أنه على الخلاف كما ذكره ابن وهبان، ولا فرق عند الامام بين أن يشهدوا بالعتق أو بالحرية الأصلية، والشارح مشى على قولهما وتبع الشرنبلالي في عدم الفرق بين الحرية الأصلية والعارضة. قوله: (وهل يقبل جرح الشاهد حسبة) الجرح بفتح الجيم بمعنى تجريح، ثم قوله حسبة يحتمل أنه حال من جرح: يعني أن المجرح يفعل ذلك حسبة، ويحتمل أنه حال من المشاهد ذكره بعضهم ط. والأول أظهر. قال الحلبي: حسبة متعلق بالجرح لا بالشاهد. قوله: (فبلغت ثمانية عشر) أي بزيادة عتق العبد وتدبيره والرضاع والجرح. وأما طلاق المرأة وعتق الأمة وتدبيرها فمن الأربعة عشر ح. قال ط: وفيه أن عتق العبد من جملة الأربعة عشر اه.
أقول: لم يزد على ما في الأشباه غير عتق العبد وتدبيره والرضاع وهي داخلة في الأربعة عشر، فعتق العبد وتدبيره داخل في عتق الأمة وتدبيرها على قولهما، والرضاع داخل في حرمة المصاهرة.
تأمل. قوله: (وليس لنا مدعي حسبة) الأولى مدع حسبة بحذف ياء مدعي. قوله: (إلا في الوقف) يعني إذا ادعى الوقوف عليه أصل الوقف تسمع عند البعض، والمفتى به عدم سماعها إلا من المتولي كما تقدم في الوقف. قال ط: فإذا كان الموقوف عليه لا تسمع دعواه فالأجنبي بالأولى. أشباه اه.
أقول: لكن في فتاوى الحانوتي أن الحق أن الوقف إذا كان على معين تسمع منه اه. فتأمل. لكن قيده سيدي الوالد في تنقيحه بأن تكون بإذن قاض على ما عليه الفتوى قوله: (وسترها في الحدود) أي كتمانها. قال في الهداية: والشهادة يخير فيها الشاهد في الستر والاظهار، لأنه بين حسبتين: إقامة الحد، والتوقي عن الهتك والستر أفضل اه.
قال الكاكي: والحسبة ما ينتظر به الاجر في الآخرة. وفي الصحاح: احتسب كذا أجرا عند الله تعالى، والاسم الحسبة بالكسر والجمع الحسب اه. قوله: (أبر) أفاد أن عدمه (1) جائز إقامة للحسبة لما فيه من إزالة الفساد أو تقليله فكان حسنا، ولا يعارضه قوله تعالى: * (إن الذي يحبون أن تشيع