(ردوه عن حسد) بإسكان الدال وعن بمعنى اللام: أي لأجل حسدهم له كقوله تعالى: * (وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك) * أو بمعنى من: أي ردا ناشئا من حسد كقوله تعالى: * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) *. قوله: (فتقبلني) بالتخفيف: أي تثنيني وهو خبر بمعنى الدعاء. قوله: (وأساتذ) جمع أستاذ بضم الهمزة ومعناه: الماهر بالشئ، والمراد بهم هنا أشياخه، والظاهر أنه أعجمي معرب لما في القاموس: لا تجتمع السين والذال المعجمة في كلمة عربية. قوله: (وتحشرنا جمعا) أي حال كوننا مجتمعين مع النبي صلى الله عليه وآله، فالمصدر حال وهو مقصور على السماع، ويحتمل أن جمعا كوننا جميعا تأكيد لضمير الجماعة، أو مفعول مطلق، لا الحشر بمعنى الجمع، وقد ورد: أن النبي صلى الله عليه وآله يحشر وأمته في محشر منفرد عن محشر كل الخلائق فالمعية لا تقتصر على من ذكر، لا أن يراد بها حالة مخصوصة كالقرب منه صلى الله عليه وآله. قوله: (مع المصطفى أحمد) قدمنا أن الأبيات من بحر الطويل، والطويل له عروض واحدة مقبوضة وزنها مفاعلن، ولعروضه ثلاثة أضرب: الأول صحيح وزنه مفاعيلن. الثاني مقبوض مثلها. الثالث محذوف وزنه فعولن. وهذا البيت من الضرب الأول، والبيت الذي قبله والبيت الذي بعده من الضرب الثاني، وهذا معدود من عيوب القوافي ويسمى التحريد بالحاء المهملة كما في الخزرجية، وتقدم في أول الكتاب أبيات لنظم شروط الوضوء وقع فيها نظير ذلك كما نبهنا عليه هناك، ولو قال الناظم: مع المصطفى السند لكان أسد. قوله: (وإخواننا) بالجر عطفا على ماتن أو على قوله المصطفى أو بالنصب عطفا على نا في تحشرنا، والأول أولى. قوله: (المسدى) من الاسداء بمعنى الاعطاء أو لفظه مفرد معطوف بإسقاط العاطف أو جمع نعت لإخواننا، وأصله المسدين حذفت نونه لإضافته إلى الخبر المجرور به، وقد فصل بينهما بالظرف لكون المضاف شبه الفعل وهو جائز في السعة. قال في الألفية:
فصل مضاف شبه فعل ما نصب * مفعولا أو ظرفا أجز ولم يعب ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: هل أنتم تاركوا لي صاحبي وقول الشاعر:
كناحت يوما صخرة بعسيل قوله: (دائما) صفة لمصدر محذوف: أي قبولا أو حشرا أو إسداء. قوله: (داع) أي وداع على حذف العاطف أو بدل من والدنا. قوله: (طالب الرشد) أي لنا حذفه لدلالة ما قبله عليه. يقال: رشد كنصر وفرح رشدا ورشدا ورشادا: اهتدى واستقام على الحق، والرشيد في صفاته تعالى: الهادي إلى سواء الصراط.
نسأله تعالى أن يهدينا إلى الصراط المستقيم، ويديمنا على الحق القويم، ويمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم في جواز نبيه الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (آمين).