تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٣٦٠
أوجب على الضارب الغرة وجوب الضمان بالجناية على الحي دون الميت، فإذا حكمنا بالجناية كان له الميراث ويورث عنه نصيبه، كما يورث عنه بدل نفسه وهو الغرة ا ه‍.
أقول: فقد جعلوه وارثا وموروثا، وهو جنين قبل انفصاله، ومعلوم أنه حين موت مورثه لم يكن مسلما فلم يوجد المانع حين استحقاقه الإرث وإنما وجد بعده، فكان كمن أسلم بعد موت مورثه الكافر، فلم يكن في الحقيقة إرث مسلم من كافر بل هو إرث كافر من كافر، نعم يتصور عندنا إرث المسلم من الكافر في مسألة المرتد. قوله: (والرابع اختلاف الدارين) اختلافهما باختلاف المنعة: أي العسكري، واختلاف الملك كأن يكون أحد الملكين في الهند وله دار ومنعة، والآخر في الترك وله دار ومنعة أخرى، وانقطعت للعصمة فيما بينهم، حتى يستحل كل منهم قتال الآخر، فهاتان لداران مختلفتان فتنقطع باختلافهما الوراثة لأنهما تبتنى على العصمة والولاية، وأما إذا كان بينهما تناصر وتعاون على أعدائهما كانت الدار واحدة والوراثة ثابتة.
ثم اعلم أن الاختلاف إما حقيقة أو حكما، كالحربي والذمي وكالحربيين في دارين مختلفتين (1) بالمعنى السابق، وإما حكما فقط كالمستأمن والذمي في دارنا، فإنها وإن كانت واحدة حقيقة إلا أنها مختلفة حكما، لان المستأمن من أهل دار الحرب حكما لتمكنه من الرجوع إليها، وأما حقيقة فقط كمستأمن في دارنا حربي وفي دارهم، فإن الدار وإن اختلفت حقيقة لكن المستأمن من أهل الحرب حكما كما علمت، فهما متحدان حكما، وفي هذا الأخير يدفع مال المستأمن لوارثه الحربي لبقاء حكم الأمان في ماله لحقه، وإيصال ماله لورثته من حقه كما في عامة الكتب فيمنع ذلك صرفه لبيت المال، خلافا لما في شرح السراجية لمصنفها كما نبه عليه في الدر المنتقى وسكب الأنهر.
أقول: وبه علم أن المانع هو الاختلاف حكما، سواء كان حقيقة أيضا أو لا، دون الاختلاف حقيقة فقط، وهذا ما قال الزيلعي: المؤثر هو الاختلاف حكما حتى لا تعتبر الحقيقة بدونه ا ه‍. قوله:
(حقيقة) يعني وحكما لما علمت. قوله: (كحربي وذمي) أي إذا مات الحربي في دار الحرب وله وارث ذمي في دارنا، أو مات الذمي في دارنا وله وارث في دارهم لم يرث أحدهما من الآخر لتباين الدارين حقيقة وحكما وإن اتحدا ملة. قوله: (أو حكما) أي فقط. قوله: (وكحربيين الخ) كذا في السراجية، وفيه أنه من اختلاف الدار حقيقة وحكما كما قدمناه، إلا أن يحمل على أنهما من دارين مختلفين حقيقة، لكنهما مستأمنان في دارنا فهما في دار واحدة حقيقة وفي دارين مختلفتين حكما، ويؤيده أنه قال: من دارين لا في دارين، وإن كان الأولى أن يقول المستأمنين بدل الحربيين، وكأنه ترك هذا الأولى إشارة إلى أنه يمكن جعله مثالا للاختلافين. أفاده السيد وتماه فيه. قوله: (بخلاف المسلمين) محترز قوله فيما بين الكفار: أي اختلاف الدار لا يؤثر في حق المسلمين كما في عامة الشروح، حتى أن المسلم التاجر

(١) قوله: (مختلفين) لاحظ أولا إن الدار مؤنث فأنث نعتها في قوله دارين مختلفتين وأما تذكر النعت في العمارة الآتية فهو من كلام السيد ومثله عبارة الشارح لكن ليس نظرا لمجازية التأنيث بل نظرا للمراد أو هو المنزل كما نبه على مثله في خاتمة المصباح فليفهم بالدقة قاله نصر الهوريني.
(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813