حينئذ، وأما إذا كان ديوانهما واحدا وكان الجاني من أهل ديوان ذلك المصر الآخر يعقل عنه أهل ذلك المصر. قوله، (خرج ما انقلب مالا الخ) أي خرج القتل الذي انقلب موجبه إلى المال بعارض صلح أو شبهة فإنه لم يجب بنفس القتل فلا تتحمله العاقلة كما يأتي. قوله: (فتؤخذ عن عطاياهم أو من أرزاقهم) أي لا من أصول أموالهم.
قال في الهداية: ولو كانت عاقلة رجل أصحاب الرزق يقضي بالدية في أرزاقهم في ثلاث سنين، لان الرزق في حقهم بمنزلة العطاء، ثم إن كانت تخرج أرزاقهم في كل سنة، فكلما خرج رزق يؤخذ منه الثلث بمنزلة العطاء، أو في كل ستة أشهر يؤخذ منه سدس الدية، أو في كل شهر يؤخذ بحصته من الشهر حتى يكون المستوفى في كل سنة مقدار الثلث، وإن كان لهم أرزاق في كل شهر وأعطية في كل سنة فرضت في الأعطية لأنه أيسر، لان الأعطية أكثر والرزق لكفاية الوقت فتعسر الأداء منه اه. قوله: (والفرق الخ) وقيل العطية: ما يفرض للمقاتل، والرزق: ما يجعل لفقراء المسلمين إذا لم يكونوا مقاتلين، ونظر فيه الإتقاني. قوله: (في ثلاث سنين) اعلم أن الواجب إذا كان ثلث الدية أو أقل يجب في سنة واحدة، وما زاد على الثلث إلى تمام الثلثين في السنة الثانية، وما زاد على ذلك إلى تمام الدية في السنة الثالثة. هداية. وفيها: ولو قتل عشرة رجلا خطأ فعلى كل واحد عشر الدية في ثلاث سنين اعتبار للجزء بالكل. قوله: (من وقت القضاء) أي بالدية لا من يوم القتل والجناية كما قال الشافعي. غرر الأفكار. قوله: (فإن خرجت العطايا الخ) ذكر في المجمع ودرر البحار أنها تؤخذ في ثلاث سنين، سواء خرجت في أقل أو أكثر. قال في غرر الأفكار: لكن في الهداية وغيرها أنه إن أعطيت العطايا في ثلاث سنين مستقبلة بعد القضاء بالدية في سنة واحدة، أو في أربع سنين تؤخذ الدية كلها منها في سنة واحدة أو أربع سنين، لان وجوبها في العطاء للتخفيف، وذا حاصل في أي وقت أخذ، فعلى هذا كان المراد من ثلاث سنين أعطية، ولو اجتمعت عطايا سنين ماضية قبل القضاء بالدية ثم خرجت بعد القضاء لا تؤخذ منها، لان الوجوب بالقضاء اه.
أقول: فعلى هذا يفرق بين العطاء والرزق، فإن الرزق إذا خرج في أقل من ثلاث سنين يؤخذ بقدره كما قدمناه، فالسنين فيه على حقيقتها، بخلاف العطاء. تأمل. ثم رأيت التصريح بالفرق في المجتبى معللا بأن الرزق لما كان مقدرا بالكفاية لزم الخرج بالأخذ منه في أقل من ثلاث سنين. قوله:
(وكل من يتناصر هو به) قال في الهداية والتبيين: ويعقل أهل كل مصر عن أهل سوادهم لأنهم أتباع لأهل المصر، فإنهم إذا حزبهم أمر استنصروا بهم فيعقلونهم أهل المصر باعتبار معنى القرب والنصرة، ومن كان منزله بالبصرة وديوانه بالكوفة عقل عنه أهل الكوفة، لأنه يستنصر بأهل ديوانه لا بجيرانه.