تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ١٢٨
هو بفعل يفعله الانسان بغيره فيزول به الرضا وشرطه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به سلطانا كان أو لصا أو خوف المكره وقوع ما هدد به فلو أكره على بيع أو شراء أو
____________________
آلة له فيه حتى إذا أكره على العتق يقع كأنه أوقعه باختياره ويكون الولاء له ويضاف إلى المكره من حيث الاتلاف فيرجع إليه بقيمته. ثم اعلم أن الاكراه لا ينافي أهلية المكره ولا يوجب وضع الخطاب عنه يحال لأن المكره مبتلى والابتلاء يحقق الخطاب، والدليل عليه أن أفعاله مترددة بين فرض وحظر وإباحة ورخصة، ويأثم تارة ويؤجر أخرى، فيحرم عليه قتل النفس وقطع الطرق والزنا، ويفترض عليه أن يمنع من ذلك ويثاب عليه إن امتنع، ويباح له بالاكراه أكل الميتة وشرب الخمر ويرخص له بإجراء كلمة الكفر وإتلاف مال الغير وإفساد الصوم والجناية على الاحرام، وهذا دليل على أنه مخاطب.
قال رحمه الله: (هو فعل يفعله الانسان بغيره فيزول به الرضا) زاد في المبسوط: أو يفسد به اختياره من غير أن تنعدم به الأهلية في حق المكره أو يسقط عنه الخطاب. وذكر في الايضاح أن الاكراه فعل يوجد من المكره يحدث في المحل معنى يصير به مدفوعا إلى الفعل الذي طلب منه. وذكر في الوافي أنه عبارة عن تهديد غيره على ما هدد بمكروه على أمر بحيث ينتفي به الرضا. وقوله فيزول به الرضا أعم مع كونه مع فساد اختياره أو مع عدمه وهو إشارة إلى نوعي الاكراه. ثم إن الشائع في عامة الكتب من الأصول والفروع هو أن الاكراه نوعان. وذكر فخر الاسلام البزدوي فقال: الاكراه ثلاثة أنواع: نوع يعدم الرضا ويفسد الاختيار وهو الملجئ، ونوع يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار وهو الذي لا يلجئ.
وهو نوع آخر لا يعدم الرضا وهو أن يهدد يحبس أبيه أو ابنه وولده، وهذا النوع الثالث أخرجه المؤلف. وذكر شيخ الاسلام في المبسوط أن القسم الثالث غير داخل في هذا المعنى شرعا لعدم ترتب أحكام الاكراه عليه شرعا. وذكر غيره أن القسم الثالث داخل في معنى الاكراه لغة. وأطلق في الانسان فشمل الصبي والمجنون والمعتوه، كذا في قاضيخان. وقال فيه أيضا: ولو أكره الصبي أو المجنون أو المعتوه رجلا على قتل آخر فقتله فالدية على عاقلة الصبي والمجنون والمعتوه في ثلاث سنين. قال رحمه الله: (وشرطه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به سلطانا كان أو لصا أو خوف المكره وقوع ما هدد به) يعني شرط الاكراه الذي هو فعل كما تقدم لأن الاكراه اسم لفعل يفعله الانسان بغيره فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره مع بقاء الأهلية، ولا يتحقق ذلك إلا من القادر عنده خوف المكره لأنه يصير به ملجأ، وبدون ذلك لا يصير ملجأ، وما روي عن الامام أن الاكراه لا يتحقق إلا من السلطان فذلك محمول على ما شهد في زمانه من أن القدرة والمنعة منحصرة في السلطان وفي زمانهما كان لكل مفسد له قوة ومنعة لفساد الزمان فأفتيا على ما شهدا وبه يفتى لأنه ليس فيه اختلاف يظهر في حق الحجة. وفي المحيط: وصفة المكره وهو أن يغلب على ظنه أنه يوقع ذلك به لو لم يفعل
(١٢٨)
مفاتيح البحث: الخوف (1)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 125 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480