____________________
نفذ ملكه فيه كسائر البياعات الفاسدة. قال رحمه الله: (وعلى أكل لحم خنزير وميتة ودم وشرب خمر حبس أو ضرب أو قيد لم يحل وحل بقتل وقطع) يعني لو أكره على هذه الأشياء بما لا يخاف على نفسه أو عضوه كالضرب لا يسعه أن يقدم عليه وبما يخاف يسعه ذلك لأن حرمة هذه الأشياء مقيدة بحالة الاختيار وفي حالة الضرورة ميقات على أصل الحل لقوله تعالى * (إلا ما اضطررتم إليه) * (الانعام: 119) فاستثنى حالة الاضطرار لأنه فيها مباح والاضطرار يحصل بالاكراه الملجئ وهو أن يخاف على نفسه أو عضوه ولا يحصل ذلك بالضرب بالصوت ولا بالحبس حتى لو خاف ذلك منه وغلب على ظنه يباح له ذلك. أقول:
في قوله يباح له ذلك إشكال قوي فإن المباح ما استوى طرفاه فعله وتركه كما تقرر في علم الأصول، وفيما نحن فيه إذا خيف على النفس أو على عضو كان طرف العقل راجحا بل فرضا كما صرح به في لب الأصول من كون ذلك فرضا فتأمل. فلو قال بغير ما يخاف منه على تلف عضو أو نفسه لم يفترض وإلا افترض إلى آخره لكان أولى. وقدره بعضهم بأدنى الحد وهو أربعون سوطا فإن هدد به وسعه أن يقدم، وإن هدد بدونه لا يسعه لأنه ما دون ذلك مشروع بطريق التعزير. قلنا: لا وجه للتعزير بالرأي وأحوال الناس مختلفة فمنهم من يحمل الضرب الشديد، ومنهم من يموت بأدنى منه فلا طريق سوى الرجوع إلى رأي المبتلى، فإن غلب على ظنه أن تلف النفس أو العضو يحصل به وسعه وإلا فلا، وإذا قلنا لا يسعه شرب الخمر هل يحد أم لا؟ قال في المحيط: وإذا شرب الخمر لا يحد لأن بأغلظ الاكراهين تثبت حقيقة إباحة الشرب حالة الضرورة وبأخفهما ثبت شبهة الإباحة والشبهة كافية لدرء الحدود اه. وفي المبسوط: الاكراه على المعاصي أنواع: نوع يرخص له فعله ويثاب على تركه، وقسم حرام فعله مأثوم على إتيانه، وقسم يباح فعله ويأثم على تركه. الأول الاكراه على إجراء كلمة الكفر وشتم محمد صلى الله عليه وسلم أو على ترك الصلاة أو كل ما ثبت بالكتاب. الثاني كما لو أكره بالقتل على أن يقتل مسلما أو يقطع عضوه أو يضربه ضربا يخاف منه التلف أو يشتم مسلما أو يؤذيه أو على الزنا. والثالث لو أكره على الخمر وما ذكر معه. قال رحمه الله:
(وأثم بصبره) يعني إذا أكره على ما تقدم بقتل وقطع فلم يفعل حتى قتله أو قطع عضوا منه أثم لأن التناول في هذه الحالة مباح وإتلاف النفس أو العضو بالامتناع عن المباح حرام فيأثم إلا أنه إذا لم يعلم الإباحة في هذه الحالة لا يأثم لأنه موضع الخفاء وقد دخله اختلاف العلماء فلا يأثم كالجهل بالخطاب في دار الحرب أو في أول الاسلام في حق من أسلم فيها. وعن أبي يوسف لا يأثم مطلقا لأنه رخصة إذ الحرمة قائمة فيكون أخذا بالعزيمة. قلنا: حالة الاضطرار مستثناة فلا يكون الامتناع عزيمة بل معصية. قال في العناية: فإن قيل: إضافة الاثم إلى ترك المباح من باب فساد الوضع وهو فاسد، فالجواب أن المباح إنما يجوز تركه
في قوله يباح له ذلك إشكال قوي فإن المباح ما استوى طرفاه فعله وتركه كما تقرر في علم الأصول، وفيما نحن فيه إذا خيف على النفس أو على عضو كان طرف العقل راجحا بل فرضا كما صرح به في لب الأصول من كون ذلك فرضا فتأمل. فلو قال بغير ما يخاف منه على تلف عضو أو نفسه لم يفترض وإلا افترض إلى آخره لكان أولى. وقدره بعضهم بأدنى الحد وهو أربعون سوطا فإن هدد به وسعه أن يقدم، وإن هدد بدونه لا يسعه لأنه ما دون ذلك مشروع بطريق التعزير. قلنا: لا وجه للتعزير بالرأي وأحوال الناس مختلفة فمنهم من يحمل الضرب الشديد، ومنهم من يموت بأدنى منه فلا طريق سوى الرجوع إلى رأي المبتلى، فإن غلب على ظنه أن تلف النفس أو العضو يحصل به وسعه وإلا فلا، وإذا قلنا لا يسعه شرب الخمر هل يحد أم لا؟ قال في المحيط: وإذا شرب الخمر لا يحد لأن بأغلظ الاكراهين تثبت حقيقة إباحة الشرب حالة الضرورة وبأخفهما ثبت شبهة الإباحة والشبهة كافية لدرء الحدود اه. وفي المبسوط: الاكراه على المعاصي أنواع: نوع يرخص له فعله ويثاب على تركه، وقسم حرام فعله مأثوم على إتيانه، وقسم يباح فعله ويأثم على تركه. الأول الاكراه على إجراء كلمة الكفر وشتم محمد صلى الله عليه وسلم أو على ترك الصلاة أو كل ما ثبت بالكتاب. الثاني كما لو أكره بالقتل على أن يقتل مسلما أو يقطع عضوه أو يضربه ضربا يخاف منه التلف أو يشتم مسلما أو يؤذيه أو على الزنا. والثالث لو أكره على الخمر وما ذكر معه. قال رحمه الله:
(وأثم بصبره) يعني إذا أكره على ما تقدم بقتل وقطع فلم يفعل حتى قتله أو قطع عضوا منه أثم لأن التناول في هذه الحالة مباح وإتلاف النفس أو العضو بالامتناع عن المباح حرام فيأثم إلا أنه إذا لم يعلم الإباحة في هذه الحالة لا يأثم لأنه موضع الخفاء وقد دخله اختلاف العلماء فلا يأثم كالجهل بالخطاب في دار الحرب أو في أول الاسلام في حق من أسلم فيها. وعن أبي يوسف لا يأثم مطلقا لأنه رخصة إذ الحرمة قائمة فيكون أخذا بالعزيمة. قلنا: حالة الاضطرار مستثناة فلا يكون الامتناع عزيمة بل معصية. قال في العناية: فإن قيل: إضافة الاثم إلى ترك المباح من باب فساد الوضع وهو فاسد، فالجواب أن المباح إنما يجوز تركه