____________________
يقول الفاسدة العقد المشتمل على منفعة لاحد المتعاقدين أو جهالة لأن الفقيه نظير للأحكام والفاسد ما كان مشروعا بأصله دون وصفه. وبين الفاسد والباطل فرق ههنا، فالباطل ما ليس مشروعا أصلا وحكمه أن لا يجب فيه بالاستعمال أجر بخلاف الفاسد فإنه يجب فيه بالاستعمال الاجر، كذا في الحقائق. وفي جامع الفصولين: بين البيع الفاسد والإجارة الفاسدة فرق، فإن الفاسد من البيع يملك بالقبض والفاسد من الإجارة لا يملك بالقبض حتى إذا قبضها المستأجر لا يملكها، ولو أجرها يجب أجر المثل ولا يكون غاصبا، وليس للأول أن ينقض هذا العقد، كذا في الخلاصة. قال رحمه الله: (يفسد الإجارة الشرط) قال في المحيط: كل جهالة تفسد البيع تفسد الإجارة لأن الجهالة المتمكنة في البدل أو المبدل تفضي إلى المنازعة، وكل شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لاحد المتعاقدين يفضي إلى المنازعة فيفسد الإجارة. وفي الغياثية: الفساد قد يكون لجهالة قدر العمل بأن لا يعين محل العمل، وقد يكون لجهالة قدر المنفعة بأن لا يبين المدة، وقد يكون لجهالة البدل أو المبدل، وقد يكون لشرط فاسد مخالف لمقتضى العقد، فالفاسد يجب فيه أجرة المثل لا يزاد على المسمى إن سمى وإلا فأجر المثل بالغا ما بلغ، وفي الباطل لا تجب الأجرة والعين غير مضمونة في يد المستأجر، سواء كانت صحيحة أو فاسدة أو باطلة اه. قال الشارح: لأنها بمنزلة البيع ألا ترى أنها تقال وتفسخ فتفسد بالشروط. وفي الخلاصة: رجل استأجر دارا شهرا بعشرة على أنه إن سكن فيها يوما فبعشرة فسدت الإجارة، وكذا لو استأجر دابة إلى بغداد على أنه إن حمل كذا فبأجرة كذا، وإن حمل كذا فبأجرة كذا، وكذا لو استأجر أرضا على أنه إن زرع كذا فبأجرة كذا اه. وفي المحيط: لو استأجر دارا بكذا على أن يعمرها فالإجارة فاسدة. ولا يخفى أن المراد بالشرط الفاسد هو الذي لا يلايم العقد كما مر في البيع. أما الشرط الملايم فإنه لا يفسد العقد. وبهذا ظهر أن الإجارة الواقعة في مصر في الوقف في زماننا على أن المغارم وكلفة الكاشف على المستأجر فاسدة كما لا يخفي. قال رحمه الله: (وله أجر مثله لا يتجاوز به المسمى) لا يخفي أن العقد الفاسد في الإجارة له حكمان: وجوب الدفع والضمان إذا انتفع، ووجوب الدفع مقدم على وجوب أجرة المثل فكان عليه أن يقدم الحكم المتقدم على المتأخر ولكن اهتم بالضمان فقدمه وترك قيدا وهو أن يقول فإن انتفع فله الاجر. وأشار بقوله لا يتجاوز به المسمى إلى أن الفساد ليس لجهالة المسمى أو لعدم التسمية، فلو كان الفساد لواحد منهما يجب أجر المثل بالغا ما بلغ، وكذا إذا كان بعضه معلوما وبعضه مجهولا مثل أن يسمى دابة أو ثوبا أو عشرة دراهم. والظاهر من كلام الماتن والشارح أن الفساد إذا كان لغير جهالة المبدل لا يجب أجر المثل بالغا ما بلغ بل لا يزاد على المسمى وليس كذلك، لأنه إذا كان البدل معلوما وفيه منفعة لاحد