تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٢٧
نقص ولا أجر له وبخياطة قباء وأمر بقميص فله قيمة ثوبه وله أخذ القباء ودفع أجرة مثله.
____________________
فلا ضمان عليه لأن الظاهر فيما يسلكه الناس عدم التفاوت. قال في الهداية والكافي: هذا إذا لم يكن بين الطريقين تفاوت لأن عند عدم التفاوت لا يصح التعيين لعدم الفائدة، أما إذا كان بينهما تفاوت يضمن لصحة التقييد فجعلاه كالطريق الذي لا يسلكه الناس. فإن قلت:
ما الفرق بين هذا حيث إذا سلم يجب الاجر وبين ما إذا استأجر دابة لركوب معين. فإن ركب غيره وسلمت حيث لا أجر عليه كما في الخلاصة والحدادي والفتاوي العتابية قلت:
الفرق أنه هنا وافق من وجه لأن المقصود وصول المتاع إلى ذلك المكان، وهناك لم يحصل المقصود لأن المقصود ركوب المعين ولم يحصل، ولا يخفي أن قوله وتفاوتا ليس بقيد احترازي لأنه لو ذهب إلى مكان غير ما عينه يضمن ولو كان أقرب. قال في الينابيع:
استأجر دابة إلى موضع كذا فركبها إلى مكان أقرب منه فعطبت ضمن قيمتها اه‍. زاد في المحيط في باب الراعي: ولو سلم فلا أجر له لأن رب طريق يفسد الدابة السير فيها يوما لصعوبتها وطريق لا يفسد الدابة السير فيها شهرا لسهولتها فاختلف جنس المنفعة فاستوفى جنس آخر فلا يجب الاجر. فهذه رواية تخالف ما تقدم. وفي الخلاصة: ولو نزل وتهيأ له الارتحال فلم يرتحل حتى أفسد المطر المتاع يضمن إلا إذا كان المطر عاما. وفي الخلاصة: إذا أفسد المطر المتاع على ظهر الدابة أو سرق لا يضمن.
قال رحمه الله: (وحمله في البحر الكل وإن بلغ فله الاجر) يعني لو عين عليه أن يحمله في البر فحمله في البحر إن هلك القماش ضمن، وإن سلم فله الاجر. وفي الخلاصة: ولو كان البحر يسلكه الناس ولهذا أطلقه المؤلف قال الاتقاني: السماع بلغ بالتشديد وقوله الكل عائد إلى المسائل التي تقدمت كلها من قوله وبالضرب اه‍. قال رحمه الله: (وبزرع رطبة وإذن بالبر ما نقص) يعني إذا قيد عليه بأن يزرع حنطة فزرع رطبة يجب عليه ضمان نقصان الأرض لأن الرطبة أكثر ضررا من الحنطة لانتشاب عروقها فيها وكثرة الحاجة إلى سقيها فكان خلافا إلى شر لاختلاف الجنس فيجب عليه النقصان بخلاف ما إذا استأجر دابة للركوب أو الحمل فأردف غيره أو زاد حيث يجب عليه من الضمان بحسابه لأنه تلف بما هو مأذون فيه وبما هو غير مأذون فيه. قال رحمه الله: (ولا أجر) يعني ولا يجب الاجر لأنه لما خالف صار غاصبا واستوفى المنفعة بالغصب فلا تجب الأجرة لأن الضمان والأجرة لا يجتمعان، وإن زرع فيها ما هو أقل ضررا من الحنطة لا يجب الضمان وتجب الأجرة لأنه خلاف إلى خير فلا يصير به غاصبا. وأقول: ينبغي أن يرجع قوله ولا أجر لجميع المسائل التي قيد فيها، والتقييد مقيد إذا خالف. قال رحمه الله: (وبخياطة قباء وأمر بقميص فله قيمة ثوبه وله أخذ القباء ودفع أجرة مثله) يعني إذا أمره أن يخيط ثوبه قميصا فخاطه قباء فرب الثوب بالخيار إن شاء ضمنه قيمة ثوبه، وإن شاء أخذه ودفع له أجرة مثله أي مثل القباء. القباء القرطف الذي يلبسه
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست