يعلم خلافه بإقرار الدافع قوله: (وإن قال المحيل للمحتال أحلتك لتقبضه لي فقال المحتال أحلتني بدين لي عليك فالقول للمحيل) لأن المحتال يدعي عليه الدين وهو ينكر ولفظ الحوالة مستعملة في الوكالة مجازا لما في التوكيل من نقل التصرف من الموكل إلى الوكيل فيكون القول له مع يمينه. فإن قيل: قلتم إن المحيل لا يملك إبطال الحوالة فلو لم يجعل المحتال مستحقا لملك المحيل إبطالها لأنه يملك فسخ التوكيل بالقبض قلنا: الحوالة قد صحت وهي محتملة أن تكون بمال هو دين على المحيل، ويحتمل أن يكون أقامه مقام نفسه فلا يجوز إبطال الحوالة بالاحتمال، كذا في السراح الوهاج. وفي المحيط: إلا أن يكون المحيل قال للحويل أضمن عني هذا المال لأن قوله أضمن عني لا يحتمل الوكالة لأنه أمره بالضمان عنه.
وإنما يصير ضامنا عنه إذا كان على المحيل دين فكان إقرارا هنا بالمال عليه اه. وفي النوادر:
لو غاب المحتال وأراد المحيل أن يقبض المال من المحال عليه وقال أحلته بوكالة لا يصدق على ذلك لأنه قضاء على الغائب، هذه رواية بشر خالد بن الوليد. وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله تعالى أنه يقبل قول المحيل أنه وكله لأن الدين حقه قبل المحال عله وقد أنكر إسقاطه بالحوالة وأقر بحق قبضه للوكيل بالوكالة، وكذا لو قال تدفعه جاز نهيه وأن الآخر عائبا، كذا في المحيط قوله: (ولو أحاله بماله عند زيد وديعة صحت فإن هلكت برئ) بيان للحوالة المقيدة وحاصله أنها نوعان: مطلقة ومقيدة. فالمقيدة أن يقيدها بدين له عليه أو وديعة أو عين في يده وديعه أو غصب أو نحوه. والمطلقة ان يرسلها ارسالا ولا يقيدها بواحد مما ذكر سواء كان له دين على المحال عليه أو عنده، عين له أو لا بأن قبلها متبرعا، والكل جائز لأنه في المقيدة وكيل في الدفع، وفي المطلقة متبرع. وحكم المطلقة أن لا ينقطع حق المحيل من الدين والعين وللمحال عليه الرجوع على المحيل بعد أدائه إن كانت برضاه ولو كان الدين مؤجلا في حق المحيل تأجل في حق المحال عليه ولا يحل بموت المحيل ويحل بموت المحال