أن في الأولى تبين أن لا دين عليه وهي تصح بدون دين على المحال عليه، وفي الثانية ظهر أن المحيل ليس بمديون فبطلت. ثم قال في الذخيرة: وإن كان البائع أبرأ المحتال عليه من المال، أو وهبه له أو اشترى منه ثوبا وقبضه ثم رد المشتري المبيع بعيب بقضاء أو بغير جازت الهبة والابراء والبائع ضامن للمال، وكذا لو مات العبد في يد البائع قبل القبض، وكذا لو استحق بعده وقد ابرا البائع المحتال عليه من المال أو وهبه له اه. وهو مشكل بالنسبة إلى مسألة الاستحقاق لما تقدم من بطلان الحوالة إذا استحق المبيع لأنه تبين أن لا دين أصلا فلما بطلت ينبغي أن يبطل ما ابتنى عليها من الهبة والابراء من البائع، وقد وقعت حادثة الفتوى في المديون إذا باع شيئا من دائنه بمثل الدين ثم أحال عليه بنظير الثمن أو بالثمن فهل تصح أو لا؟ فأجبت إذا وقع بنظيره صحت لأنها لم تقيد بالثمن ولا يشترط لصحتها دين على المحال عليه، وإن وقعت بالثمن فهي مقيدة بالدين وهو مستحق للمحال عليه لوقوع المقاصة بنفس الشراء، وقدمنا أن الدين إذا استحق للغير فإنها تبطل والله أعلم.
فروع مهمة: يجوز قبول الحوالة بمال اليتيم من الأب والوصي على أملا من الأول لأن تصرفهما مقيد بشرط النظر، وإن كان مثله في الملاءة اختلفوا على قولين. ولو احتالا بدينه إلى أجل لم يجز لكونه إبراء موقتا فيعتبر بالابراء المؤبد. وهذا إذا كان دينا ورثه الصغير، وإن وجب بعقدهما جاز التأجيل عندهما خلافا لأبي يوسف، كذا في المحيط. وكذا قبول الحوالة من المتولي على هذا التفصيل. ولم يذكروا فيما رأيت حكم إحالة المستحق بمعلومه على المتولي، وينبغي أن تكون صحيحة إذا كان مال الوقف تحت يده كالإحالة على المودع بجامع أن كلا منهما أمين ولا دين عليه. وأما إذا لم يكن في يده مال الوقف فلا لأنها لثبوت المطالبة على المحال عليه، ولو قبل الحوالة بالمال الذي للمحيل على المحال عليه ثم مرض المحيل فقضي المحال عليه سلم للمحتال ما أخذه ويؤخذ من المحال عليه ما علم ويقسم بين غرماء المحيل بالحصص ويشاركهم المحتال عليه. ولو كانت الحوالة بوديعة فالمسألة بحالها فلا سبيل لغرماء المحيل على المحال عليه، ولو أحال المحال عليه المحتال على آخر جاز وبرئ الأول والمال على الآخر كالكفالة من الكفيل. ولو قال ضمنت لك ما على فلان على أن أحيلك به على فلان فرضي الطالب، إن أحاله وقبله جاز، وإن لم يقبل فلان الحوالة فالكفيل ضامن على حاله.