رب الدين لرجلين ألفا درهم دين لكل واحد منهما ألف درهم أحال رب الدين أحد غريميه على الكفيل حوالة مقيدة بذلك الدين وأحال الغريم الآخر على الأصيل حوالة مقيدة بذلك الدين فهذا على وجهين: إما أن حصلت الحوالتان على التعاقب وهو على وجهين: إما أن بدأ بالحوالة على الأصيل أو بالحوالة على الكفيل، فإن بدأ بالحوالة على الكفيل صحت الحوالتان، أما الحوالة على الكفيل فظاهر، وأما الحوالة على الأصيل فلان تأخير المطالبة عن الكفيل لا يوجب تأخير المطالبة عن الأصيل، ولا تبطل الحوالة الأولى بالحوالة الثانية لأن المطالبة قد تأخرت عن الكفيل بالحوالة الأولى. وإن بدأ بالحوالة على الأصيل ثم بالحوالة على الكفيل فالحوالة على الأصيل صحيحة وعلى الكفيل باطلة، ولو وقعتا معا جازتا إلى آخر ما فيها.
وقوله إلا بالتوى مقيد بأن لا يكون المحيل هو المحتال عليه ثانيا لما في الذخيرة: رجل أحال رجلا له عليه دين على رجل ثم إن المحتال عليه الأول، فإن توى المال على الذي عليه الأصل لا يعود إلى المحتال عليه الأول، فإن توى المال على الذي عليه الأصل لا يعود إلى المحتال عليه الأول اه. وللتوى معنيان لغوي واصطلاحي هنا فالأول ففي المصباح: التوى وزان الحصى وقد يمد هو الهلاك اه.
وفي الصحاح: التوى مقصورا هلاك المال يقال توى الما بالكسر يتوى توى أتواه غيره وهذا مال أتو على فعل اه. وأما الثاني فأفاده بقوله: (وهو أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة له أو يموت مفلسا) لأن العجز عن الوصول يتحقق بكل واحد وهو التوى في الحقيقة، ولو فلسه الحاكم بعد ما حبسه لا يكون توى عند أبي حنيفة. وقالا: هو توى لأنه عجز عن الاخذ منه بتفليس الحاكم وقطعه عن ملازمته عندهما فصار كعجزه عن الاستيفاء بالجحود أو بموته مفلسا. ولأبي حنيفة أن الدين باق في ذمته وبتعذر الاستيفاء لا يوجب الرجوع ألا ترى أنه لو تعذر بغيبة المحتال عليه لا يرجع على المحيل. وهذا بناء على أن الافلاس لا يتحقق بحكم القاضي عنده خلافا لهما لأن مال الله تعالى عز وجل غاد ورائح. وفي البزازية: أحال على رجل فغاب المحتال عليه فزعم المحتال أن المحتال عليه جحد الحوالة وحلف وبرهن على ذلك لا تقبل ولا تصح دعواه لأن المشهود عليه غائب اه. وفي المحيط:
وإن صدقه المحيل رجع عليه بدون البينة الافلاس للميت بأن لم يترك مالا عينا ولا دينا ولا كفيلا ووجود الكفيل يمنع موته مفلسا على ما في الزيادات وفي الخلاصة لا يمنع وأن المحتال لو أبرى الكفيل بعد موت المحال عليه فله أن يرجع بدينه على المحيل. وفي البزازية: أخذ المحتال من المحال عليه بالمال كفيلا ثم مات المحال عليه مفلسا لا يعود الدين إلى ذمة المحيل، سواء كفل بأمره أو بغير أمره، والكفالة حالة أو مؤجلة أو كفل حالا ثم أجله المكفول له،