البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤١٨
ا ه‍. والمذهب المعتمد أنه لا بد من رضا المحال عليه سواء كان عليه دين أو لا، وسواء كان المحال به مثل الدين أو لا. ثم اعلم أن الحوالة إذا صحت برضا المحال عليه وغاب المحيل فادعى المحال عليه ما يوجب براءة المحيل ليبرأ فهل تسمع دعواه؟ ففي البزازية: غاب المحيل وزعم المحتال عليه أن مال المحتال على المحيل كان ثمن خمر لا تصح دعواه وإن برهن على ذلك كما في الكفالة ا ه‍. وفي فروق الكرابيسي: لو أحال امرأته بصداقها على رجل وقبل الحوالة ثم غاب الزوج فأقام المحتال عليه بينة أن نكاحها كان فاسدا وبين لذلك وجها لا تقبل بينته، ولو ادعى أنها كانت أبرأت زوجها عن صداقها أو أن الزوج أعطاها المهر أو باع بصداقها منها شيئا وقبضت قبلت ببنته، وإن كان المبيع غير مقبوض لا تقبل بينته، والفرق أن مدعي فساد النكاح متناقض أو لأنه يدعى أمرا مستنكرا فلا تسمع دعواه بخلاف دعوى الابراء أو البيع لأنه غير مستنكر، وكذا هذا في الكفالة ا ه‍. فعلى هذا لو ادعى المحيل أنه أوفاه الدين بعدها تسمع وتقبل بينته لأنه غير مستنكر.
قوله: (وبرئ المحيل بالقبول من الدين) أي بقبول المحتال الحوالة على الحال عليه لأن الأحكام الشرعية تبتنى على وفق المعاني اللغوية فمعنى الحوالة النقل والتحويل وهو لا يتحقق إلا بفراغ ذمة الأصيل بخلاف الكفالة لأنها الضم وهو لا يتحقق مع البراءة. وقوله من الدين رد على من يقول بأنه يبرأ عن المطالبة لا الدين وقدمنا ذلك، ومراده أنه يبرأ براءة موقتة كما قدمناه، فلو أحال الزوج المرأة بصداقها لم تحبس نفسها بخلاف العكس في الثلاثة هذا هو مقتضي براءة المحيل ولكن المنقول في الزيادات عكسه وهو أن البائع والمرتهن إذا أحالا سقط حقهما في الحبس، ولو أحيلا لم يسقط لأن المحال عليه قائم مقام المحيل فلم تسقط مطالبتهما والمكاتب على عكس ذلك فإنه إن أحال مولاه على رجل عتق، وإن أحال مولاه عليه لم يعتق حتى يؤدي البدل لأنها معلقة ببراءة ذمته وقد برئت إذا كان المكاتب محيلا لا إذا كان محالا عليه. وقوله برئ المحيل من الدين غير شامل لما إذا كان المحيل كفيلا وخصها ببراءة نفسه فإنه يبرأ عن المطالبة لأنه لا دين عليه على الصحيح، وأما إذا أطلق الحوالة فإن الأصيل يبرأ أيضا لأن الحوالة المطلقة تنصرف إلى الدين وهو على الأصيل فيبرأ ويتبعه الكفيل كصلح الكفيل مع الطالب إن أطلقه برئا، وإن اشترط براءة نفسه خاصة برئ الكفيل وحده، كذا في تلخيص الجامع. فإذا أحال الطالب على الكفيل بمال
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»
الفهرست