البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٧٥
إذا أشهد فإن الصريح يفوق الدلالة، كذا في شرح المجمع للمصنف من المهر. ومن الامر الحكمي ما في تلخيص الجامع الكبير: لو جحد الكفيل الكفالة بعد الدعوى عليه بها فبرهن المدعى عليها بالامر وقضى بها على الكفيل وأدى فإنه يرجع على المديون، وإن كان مناقضا لكونه صار مكذبا شرعا بالقضاء عليه. وقال زفر: لا رجوع لأنه أقر أنه لا حق له حين جحدها ا ه‍. وقول المطلوب اضمن عني لفلان كذا إقرار بالمال كما في الخانية وأطلق في قوله كفل بأمره وهو مقيد بمن يصح أمره فلا رجوع على الصبي والعبد المحجورين إذا أدى كفيلهما بالامر لعدم صحته منهما ولكن يرجع على العبد بعد عتقه، وأما الصبي فلا رجوع عليه مطلقا. ولو تكفل الكفيل بإذن وليه كما في المبسوط بخلاف المأذون فيهما لصحة أمره وإن لم يكن أهلا لها. وأطلق في قوله بما أدى وهو مقيد بأن يؤدي ما ضمن، أما إذا أدى خلافه بأن كان المكفول به جيدا فأدى رديئا أو بالعكس فإن رجوعه بما ضمن لا بما أدى لكونه ملك الدين بالأداء فنزل منزلة الطالب كما إذا ملكه الكفيل بالهبة أو بالإرث ولا يرد عليه أنه تمليك الدين من غير من عليه الدين لأننا ننقل الدين إليه بمقتضى الهبة للضرورة وله نقله بالحوالة أو بجعل الدين الواحد كدينين بخلاف المأمور بقضاء الدين فإنه يرجع بما أدى إن أدى أردأ من الدين وإن أدى أجود لم يرجع إلا بالدين لأن حق رجوعه إنما هو بالأداء بأمره، ولذا لا يملكه لو وهب له فيرجع بما أدى ما لم يخالف أمره بالزيادة أو بجنس آخر.
وقوله رجع بما أدى مقيد بما إذا دفع ما وجب دفعه على الأصيل، فلو كفل عن المستأجر بالأجرة فدفع الكفيل قبل الوجوب لا رجوع له كما في إجارات البزازية. وأطلق فيما أدى فشمل ما إذا صالح الكفيل الطالب عن الألف المكفول بها على خمسمائة فإنه يرجع بالخمسمائة لا بما ضمن وهو الألف لأنه إسقاط أو هو إبراء عن بعض الدين فيسقط البعض ولا ينتقل إلى الكفيل. وفي فتح القدير من بيع الفضولي: إذا كفل بالمسلم فيه وأداه من ماله يصير مقرضا حتى لا يرجع بقيمته إن كان ثوبا لأن الثوب مثلي في باب السلم فكذا فيما جعل تبعا له ا ه‍. وفي رهن الخانية: باع شيئا وأخذ بالثمن كفيلا بأمر المشتري فأدى الكفيل الثمن ثم هلك المبيع عند البائع فإن الكفيل لا يخاصم البائع ولا يرجع عليه بالثمن وإنما يخاصم المشتري ثم المشتري يرجع على البائع بما دفع الكفيل إليه ا ه‍.
قوله: (وإن كفل بغير أمره ثم أجازها لأن الكفالة لزمته ونفذت لعيه بغير أمر غير موجبة للرجوع فلا تنقلب
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»
الفهرست