من الفصل السابع في النذر بالصدقة: رجل ذهب له شئ فقا إن وجدته فلله علي أن أقف أرضي على أبناء السبيل فوجده وجب عليه أن يقف لأن هذا نذر والوفاء بالنذر واجب وقال قبله لو قال إن دخلت هذه الدار فلله على أن أتصدق بهذه المائة فدخل الدار وهو ينوي بدخوله أن يتصدق عن زكاة ماله فدخل ثم تصدق بها لا يجزئه عن الزكاة لأن الأول يمين واليمين لازم لا يملك الرجوع عنها، فإذا دخل الدار لزمه التصدق بها بجهة اليمين ا ه. فقد أفاد أن المنذور المعلق من باب اليمين وحينئذ صح التعليق، وبهذا ظهر بطلان قول الشارحين أنه ليس مما يحلف به وصرح في النذر بالصوم بصحة تعليقه بالشرط. وفي فتاوي قاضيخان: الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه اعتبار بسائر العبادات ا ه. ثم قال: ولو نذر أن يعتكف رجب فعجل شهرا قبله يجوز في قول أبي يوسف خلافا لمحمد، وأجمعوا أن النذر لو كان معلقا بأن قال إن قدم غائبي أو شفى الله مريضي فلانا فلله علي أن أعتكف شهرا فعجل شهرا قبل ذلك لم يجز ا ه. وهذه العبارة بوضعها دالة على صحة تعليقه بالاجماع لأن مفهومها أن النذر صحيح وأنه يجب الوفاء به إذا وجد شرطه، وأما تعجيله قبل وجود شرطه فغير جائز، وهذا هو الموضع الثالث مما أخطؤا فيه في بيان ما لا يصح تعليقه، والخطأ هنا أقبح من الأولين وأفحش لكثرة الصرائح بصحة تعليقه، وأنا متعجب لكونهم تداولوا هذه العبارات متونا وشروحا وفتاوي لم يتنبهوا لما اشتملت عليه من الخطأ بتغير الأحكام والله الموفق للصواب. وقد يقع كثيرا أن مؤلفا يذكر شيئا خطأ في كتابه فيأتي من بعده من المشايخ فينقلون تلك العبارة من غير تغيير ولا تنبيه فيكثر الناقلون لها وأصلها لواحد مخطئ كما وقع في هذه الموضع، ولا عيب بهذا على المذهب لأن مولانا محمد ابن الحسن ضابط المذهب لم يذكر جملة ما لا يصح تعليقه بالشرط وما يصح على هذا الوجه، وقد نبهنا على مثل ذلك في الفوائد الفقهية في قول قاضيخان وغيره أن الأمانات تنقلب مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث، ثم إني تتبعت كلامهم
(٣٠٨)